الباب الثاني: في الخلاف العارض من جهة الحقيقة والمجاز اعلم أن المجاز ثلاثة أنواع: نوع يعرض في موضوع اللفظة المفردة، ونوع يعرض في أحوالها المختلفة عليها من إعراب وغيره، ونوع يعرض في التركيب وبناء بعض الألفاظ على بعض، ولكل منها أمثلة كثيرة:
أما العارضان فيها من قبل أحوالها: فكقوله تعالى: {بل مكر الليل والنهار} وإنما المراد بل مكرهم بالليل والنهار، وتقول العرب: "نهارك صائم وليلك نائم".
وأما العارضان من طريق التركيب وبناء بعض التركيب على بعض؛ فنحو: الأمر يرد بصيغة الخبر وبالعكس، والإيجاب يرد بصيغة النفي وبالعكس، والمدح يرد بصورة الذم وبالعكس، والتقليل يرد بصورة التكثير وبالعكس، ونحو ذلك من أساليب الكلام التي لا يقف عليها إلا من تحقق بعلم اللسان، ولكل منها أمثلة.
ومن طريق المجاز العارض من طريق التركيب: إيقاعهم ذوات المعاني على السبب، ومرادهم السبب تارة، وتارة يوقعونها على المسبب، وإنما يفعلون هذا لتعليق أحدهما بالآخر، ولهما أمثلة كثيرة.
صفحه ۶