[تفسير (الحمد لله) وبيان الحمد والمدح والشكر] ثم إنه أخذ في الثناء على الله على ما من به من تبيين الشرائع بإرسال الرسل، فقال:
... الحمد لله موضح ... السبل ... لكل مشروع ... بإرسال الرسل
(الحمد): هو الثناء بالجميل على الجميل على جهة التعظيم والتبجيل، وقيد بعضهم الجميل بالاختياري، فقال: الحمد: هو الثناء على الجميل الاختياري، وذكر زكريا والشنواني:
أن صفات الذات واردة على من اشترط الاختيار؛ فإنها لا توصف بأنها اختيارية، ولا بأنها اضطرارية.
ورد بأن الثعلبي وغيره صرحوا بثبوت الحمد عليها.
قال القطب -رحمه الله-: "والأظهر أنه يجوز أن يعظم الله ويثنى عليه ثناء على الذاتيات، ولا جهة لإخراجه من الحمد، ولهذا زاد رحمه الله تعالى في تعريف /12/ الحمد قيدا آخر، فقال: الحمد هو الثناء على الجميل الذي ليس باضطراري من نعمة أو غيرها على جهة التعظيم.
قال: وإنما قلت (الذي ليس باضطراري) ليشمل ما هو اختياري، وما لا يصدق أنه ضروري ولا اختياري كصفات الله الذاتية، فإن إطلاق الضرورة عليها محال لاقتضاء أنه مغلوب مقهور، تعالى عن ذلك وعن كل نقص. ولاقتضائه حدوثها؛ فإن المقهور به حادث أحل في المقهور، وإطلاق الاختيار عليها محال أيضا لاقتضائه حدوثها، وأنه أحدثها بعد أن لم تكن، ولا يصح إطلاقه عليها إلا بمعنى مجرد يقي الضرورة أو بتنزيلها منزلة الاختيارية إذا انتفى عنها الاضطرار، والأولى ترك التقييد بالاختياري وما بعده كما صنعنا.
وقد قيل: إن الاختياري لا يشترط في الحمد والمدح بدليل قوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} وفي الحديث المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : «وابعثه المقام المحمود»، وقول الشاعر:
صفحه ۲۱