يا طَالِبَ الدُّنْيا إِلَى كَمْ خَلْفَهَا تَجْرِي، أَما سَمِعْتَ واعِظَ زجري، أتعلمُ أنك تعيشُ إِلَى الفَجْرِ، فكم مِنْ متلذِّذِ عيشٍ طيِّب غدا منه إلى القبرِ، [.....] ولكن لا يدري متى يَسْري.
إِذَا كَانَ شُكْرِي نِعْمَةَ الله نِعْمَةً ... عَلَيَّ لَهُ فى مِثْلِها يَجِبُ الشُّكْرُ
فَكَيْفَ بُلُوغُ الشُّكْرِ إِلا بِفَضْلِهِ ... وَإِنْ طَالَتِ الأَيَّامُ وَاتَّصَلَ العُمْرُ
عن ثوبانَ: أن رسولَ الله ﷺ قَالَ: "صِيَامُ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَاُم سِتَّةِ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ" (١).
يا هذا! مَنْ للقبر وأنت واني، إِلَى متى هذا التواني؟ أَتَحْسَبُ أَنَّكَ لَسْتَ بِفانٍ، وَها أَنْتَ إِلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ دَاني، أتدْرِي إِلَى النَّارِ تَسْكُنُ أَمْ إِلَى الجِنَانِ؟
عِيدِي مُقِيمٌ وَعِيدُ الناسِ مُنْصَرِفُ ... وَالقَلْبُ مِنِّى عَنِ اللَّذَّاتِ مُنْحَرِفُ
وَلِي قَرِينَانِ مالِي مِنْهُما خَلَفٌ ... طُولُ الحَنِينِ وَعَيْنٌ دَمْعُهَا يَكِفُ
يا مَنْ يفرح في العيد بتزيين لباسِه، ويوقن بالموتِ وما استعدَّ لِبَاسِه، ويعتبر بإخوانه وأقرانه وجُلاَّسه، وكأنه قد أمنَ سرعةَ اختلاسِه، كيف تقرّ بالعيد عينُ مطرودٍ عن الصلاح؟! كيف تضحك سِنُّ مردودٍ عن
_________
(١) رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (٢١١٥).
1 / 30