معانی الاخبار
مcاني الأخبار
ویرایشگر
محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م
محل انتشار
بيروت / لبنان
الْقِيَامَةِ وَزْنًا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَخْفِضُ أَقْوَامًا لِأَجْلِ الْقِسْطِ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوهُ، وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ، وَيَرْفَعُ أَقْوَامًا لِأَجْلِ الْقِسْطِ لِأَنَّهُمْ عَمِلُوا بِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يَخْفِضُ بِالْقِسْطِ وَيَرْفَعُ بِالْقِسْطِ، وَمَعْنَاهُ يَرْفَعُ أَقْوَامًا فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْإِيمَانِ وَمَرَاتِبِهِ، وَيَضَعُ آخَرِينَ بِالذُّلِّ وَالْجَهْلِ وَالضَّلَالِ وَالْكُفْرِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ عَادِلٌ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَا جَائِرٍ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الظُّلْمَ لَا يَكُونُ مِنْهُ، وَالْجَوْرَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَ قُدْرَةِ قَادِرٍ، وَلَا فَوْقَهُ آَمِرٌ، وَلَا زَاجِرٌ، فَيَكُونُ ظَالِمًا بِتَرْكِ الْأَمْرِ، أَوْ جَائِرًا عَنْ سُنَنِ الْحَقِّ تَعَالَى اللَّهُ ﷿ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى «يَخْفِضُ الْقِسْطَ»، أَيْ: يُنْقِصُ الْعَدْلَ فِي الْأَرْضِ بِغَلَبَةِ الْجَوْرِ وَأَهْلِهِ، وَيَرْفَعُهُ بِالْبَسْطِ فِي الْأَرْضِ بِغَلَبَةِ الْعَدْلِ وَأَهْلِهِ، فَقَدْ كَانَ الْقِسْطُ وَالْعَدْلُ وَالْإِيمَانُ غَيْرَ مَوْجُودٍ، وَلَا مَعْرُوفٍ بِغَلَبَةِ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ، ثُمَّ بَسَطَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِإِرْسَالِ مُوسَى ﵇، ثُمَّ ظَهَرَ الْجَوْرُ وَالْكُفْرُ حَتَّى أَرْسَلَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ، فَبَسَطَ الْقِسْطَ، وَأَظْهَرَ الْإِيمَانَ، وَمَحَقَ الْكُفْرَ، ثُمَّ قَالَ ﷺ فِي شَأْنِ الْمَهْدِيِّ: «فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا» . وَقَوْلُهُ ﷺ: «بَاسِطٌ يَدَهُ لِمُسِيءِ اللَّيْلِ أَنْ يَتُوبَ إِلَى النَّهَارِ»، الْيَدُ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ، وَلَوْ لَمْ يَرِدِ السَّمْعُ لَمْ يَجُزِ الْقَوْلُ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الصِّفَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ، فَلَمَّا وَرَدَ السَّمْعُ بِهِ وَجَبَ التَّصْدِيقُ لَهُ، وَالْإِيمَانُ بِهِ، وَتَأْوِيلُهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَنَفْيُ التَّشْبِيهِ وَأَوْصَافِ الْحَدَثِ عَنْهُ، قَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَسَائِرُ الْمُثْبِتَةِ: لَهُ يَدٌ لَا كَالْأَيْدِي، كَمَا أَنَّهُ مَوْجُودٌ لَا كَالْمَوْجُودِينَ، وَشَيْءٌ لَا كَالْأَشْيَاءِ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُثْبِتَةِ: إِنَّهَا يَدُ صِفَةٍ، وَلَيْسَتْ بِيَدِ جَارِحَةٍ، وَلَا جُزْءٍ، وَلَا بَعْضٍ كَمَا أَنَّ ذَاتَهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ، وَلَا جَوْهَرٍ، وَلَا عَرَضٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح: ١٠]، وَقَالَ ﷿ ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدِيَّ﴾ [ص: ٧٥]، وَقَالَ تَعَالَى ﴿يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة
1 / 110