233

معانی الاخبار

مcاني الأخبار

ویرایشگر

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

محل انتشار

بيروت / لبنان

حَدِيثٌ آخَرُ
ح نَصْرُ بْنُ الْفَتْحِ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ: ح الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: ح ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ: ح حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، ﵁ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ، ﷺ، الْمَدِينَةَ أَتَاهُ الْمُهَاجِرُونَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْنَا قَوْمًا أَبْذَلَ مِنْ كَثِيرٍ، وَلَا أَحْسَنَ مُوَاسَاةً مِنْ قَلِيلٍ مِنْ قَوْمٍ نَزَلْنَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، لَقَدْ كَفَوْنَا الْمُؤْنَةَ، وَأَشْرَكُونَا فِي الْمَهْنَأِ حَتَّى لَقَدْ خِفْنَا أَنْ يَذْهَبُوا بِالْأَجْرِ كُلِّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا، مَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ» قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ، ﵀: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ يُدْرِكُ بِقَوْلِهِ وَنِيَّتِهِ مَا يُدْرِكُ الْغَنِيُّ بِفُضُولِ مَالِهِ، فَإِنَّ الْأَنْصَارَ بَذَلُوا أَمْوَالَهُمْ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ، وَقَاسَمُوهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَآثَرُوهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ﴾ الْآَيَةَ، فَهُمْ بَذَلُوا أَمْوَالَهُمْ، وَقَاسَمُوهُمْ إِيَّاهَا حَتَّى خَافَ الْمُهَاجِرُونَ أَنْ يَفْضُلُوهُمْ، وَيَفُوتُهُمْ مَا يُعْطَى الْأَنْصَارُ عَلَى نَفَقَاتِهِمْ وَبَذْلِ أَمْوَالِهِمْ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: خِفْنَا أَنْ يَذْهَبُوا بِالْأَجْرِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ هُوَ الثَّوَابُ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَاسِعٌ غَنِيٌّ لَا تَفْنَى خَزَائِنُهُ وَلَا يَنْقُصُ أَجْرُهُ، وَإِنَّمَا مَعْنَى مَا قُلْنَا أَنَّهُمْ يَفْضُلُونَنَا بِأُجُورِ نَفَقَاتِهِمْ، فَيَكُونُ لَهُمْ ذَلِكَ دُونَنَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا» أَيْ: لَيْسَ ذَلِكَ كَمَا تَظُنُّونَ، أَيْ لَا يَفْضُلُونَكُمْ وَلَا يَفُوتُكُمْ، فَإِنَّ دُعَاءَكُمُ اللَّهَ لَهُمْ، وَثَنَاءَكُمْ عَلَيْهِمْ يَقُومُ مِنْكُمْ مَقَامَ نَفَقَاتِهِمْ مِنْهُمْ وَبَذْلِ أَمْوَالِهِمْ، فَتُعْطَوْنَ عَلَى الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ مِنَ الْأَجْرِ مَا يُعْطَوْنَ عَلَى النَّفَقَةِ وَالْعَطَاءِ. فِيهِ أَيْضًا وُجُوبُ مُكَافَأَةِ الْمُعْطِي وَمُجَازَاةِ الْمُحْسِنِ، وَمَعْرِفَةِ الْفَضْلِ لِلْمُنْعِمِ، أَعْنِي فَضْلَ أَيْ أَفْضَالًا، لَا فَضْلَ الشَّرَفِ بِالْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمُنْفِقُ وَالْمُعْطِي وَالْمُحْسِنُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْضُلَهُ بِإِحْسَانِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

1 / 332