معالم أصول الدين

Fakhr al-Din al-Razi d. 606 AH
22

معالم أصول الدين

معالم أصول الدين

پژوهشگر

طه عبد الرؤوف سعد

ناشر

دار الكتاب العربي

محل انتشار

لبنان

وَالْجَوَاب أَنه لَو صَحَّ مَا ذكرْتُمْ لزم دوَام جَمِيع الموجودات بدوام الْبَارِي فَوَجَبَ أَن لَا يحصل فِي الْعَالم شَيْء من المتغيرات وَلما كَانَ ذَلِك بَاطِلا لزم بطلَان قَوْلكُم الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فِي إِثْبَات الْعلم بالصانع أعلم أَنه إِمَّا أَن يسْتَدلّ على وجود الصَّانِع بالإمكان أَو بالحدوث وعَلى كلا التَّقْدِيرَيْنِ فإمَّا فِي الذوات أَو فِي الصِّفَات فَهَذِهِ طرق أَرْبَعَة الأول إِمْكَان الذوات فَنَقُول لَا شكّ فِي وجود مَوْجُود فَهَذَا الْمَوْجُود إِن كَانَ وَاجِبا لذاته فَهُوَ الْمَقْصُود وَإِن كَانَ مُمكنا فَلَا بُد لَهُ من مُؤثر وَذَلِكَ الْمُؤثر إِن كَانَ وَاجِبا فَهُوَ الْمَقْصُود وَإِن كَانَ مُمكنا فَلهُ مُؤثر وَذَلِكَ الْمُؤثر إِن كَانَ هُوَ الَّذِي كَانَ أثرا لَهُ لزم افتقار كل وَاحِد مهما إِلَى الآخر فَيلْزم كَون كل وَاحِد مِنْهُمَا مفتقرا إِلَى نَفسه وَهُوَ محَال وَإِن كَانَ شَيْئا آخر فإمَّا أَن يتسلسل أَو يَنْتَهِي إِلَى الْوَاجِب والتسلسل إِلَى غير النِّهَايَة بَاطِل لِأَن ذَلِك الْمَجْمُوع مفتقر إِلَى كل وَاحِد من تِلْكَ الْآحَاد وكل وَاحِد مِنْهُمَا مُمكن والمفتقر إِلَى الْمُمكن أولى بالإمكان فَذَلِك الْمَجْمُوع مُمكن وَله مُؤثر ومؤثره إِمَّا أَن يكون نَفسه وَهُوَ محَال لِأَن الْمُؤثر مُتَقَدم بالرتبة على الْأَثر وَتقدم الشَّيْء على نَفسه محَال أَو جُزْء من الْأَجْزَاء الدَّاخِلَة فِيهِ وَهُوَ أَيْضا محَال لِأَن الْمُؤثر فِي الْمَجْمُوع مُؤثر فِي كل وَاحِد من آحَاد ذَلِك الْمَجْمُوع فَلَو جعلنَا الْمُؤثر فِي الْمَجْمُوع وَاحِدًا من آحاده لزم كَذَلِك الْوَاحِد مؤثرا فِي نَفسه وَهُوَ محَال وَإِمَّا أَن يكون فِيمَا كَانَ مؤثرا فِيهِ وَهُوَ دور وَقد أبطلناه وَإِمَّا أَن يكون الْمُؤثر فِي ذَلِك الْمَجْمُوع أمرا خَارِجا عَن ذَلِك الْمَجْمُوع لَكِن من الْمَعْلُوم أَن الْخَارِج عَن كل الممكنات لَا يكون مُمكنا بل يكون وَاجِبا وَحِينَئِذٍ يلْزم انْتِهَاء جَمِيع الممكنات لذاتها إِلَى وجود وَاجِب الْوُجُود لذاته وَهُوَ الْمَطْلُوب

1 / 44