فهنا أخبر الله عز وجل بثلاث طوائف كانت كلها في عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
الطائفة الأولى:
السابقون من المهاجرين الهجرة الشرعية المقصودة بالثناء - وهذا قيد يخرج المتأخرين من المهاجرين والمتأخرون من المهاجرين قسمان:
قسم هاجر بعد بدر إلى بيعة الرضوان.
وقسم هاجر بعد الرضوان إلى فتح مكة،
لكننا نعرض عمن هاجر قبل الرضوان ونعتبره من أصحاب الصحبة الشرعية لأدلة أخرى لا تتناقض مع هذه الآية لكن في الوقت نفسه لا نشك أن السابقين من هؤلاء وهؤلاء أفضل من اللاحقين أما المهاجرون عرفا الخارجون من المعنى الشرعي للهجرة فهم أصحاب الهجرة العامة كخالد بن الوليد رضي الله عنه، أما من هاجر بعد فتح مكة من الوفود فخروجهم من الهجرة الشرعية أوضح، ولا يدخل في الهجرة الشرعية أبناء المهاجرين[17]، ولا من هاجر قبل الرضوان وأسلم ورجع فلا يدخلون في أصحاب الهجرة الشرعية، إن لم يبقوا في المدينة حتى ولو أسلموا قبل الحديبية، إلا إذا وجد دليل خاص لحالة خاصة في الإذن لهم أو أمرهم بالعودة إلى ديارهم؛ لأن (الهجرة الشرعية) تختص بالسابقين من المهاجرين، أما الهجرة العرفية أو العامة فيدخل فيها المتأخرون من المهاجرين.
والفرق بين الهجرتين أن الهجرة الشرعية كانت أيام الضعف والحاجة بعكس الأخيرة كانت أيام العزة والرخاء فكل ثناء على المهاجرين مقيد بالسبق المذكور في هذه الآية والقرآن يفسر بعضه بعضا.
والحد الفاصل بين السابقين الأولين من المهاجرين والمتأخرين منهم مختلف فيه فمنهم من يجعل الحد بيعة الرضوان على أبعد تقدير ومنهم من حدد المهاجرين الأولين بمن صلى القبلتين أو شهد بدرا ... الخ. (راجع ذلك في مقدمة الاستيعاب لابن عبد البر).
صفحه ۲۵