68

المبسوط

المبسوط

ناشر

مطبعة السعادة

محل انتشار

مصر

ژانرها

فقه حنفی
لَا يَجِبُ الِاغْتِسَالُ بِالْإِكْسَالِ مَا لَمْ يُنْزِلْ، وَبِهِ أَخَذَ سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِظَاهِرِ قَوْلِهِ ﷺ «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ». (وَلَنَا) حَدِيثٌ شَاذٌّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ أَنْزَلَ، أَوْ لَمْ يُنْزِلْ»، وَهُوَ قَوْلُ الْمُهَاجِرِينَ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالْأَصَحُّ «أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ يُسَوِّغْ لِلْأَنْصَارِ هَذَا الِاجْتِهَادَ حَتَّى قَالَ لِزَيْدٍ أَيْ عَدُوَّ نَفْسِكَ مَا هَذِهِ الْفَتْوَى الَّتِي تَقَشَّعَتْ عَنْكَ فَقَالَ سَمِعْت عُمُومَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ يَقُلْنَ ذَلِكَ فَجَمَعَهُنَّ عُمَرُ، وَسَأَلَهُنَّ فَقُلْنَ كُنَّا نَفْعَلُ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَا نَغْتَسِلُ فَقَالَ عُمَرُ، أَوَ كَانَ يَعْلَمُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ؟ ﷺ فَقُلْنَ: لَا، فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَبَعَثَ إلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ فَعَلْت ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَاغْتَسَلْنَا فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِزَيْدٍ لَئِنْ عُدْت إلَى هَذَا لَأَذَيْتُكَ»، وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ سَبَبٌ لِاسْتِطْلَاقِ وِكَاءِ الْمَنِيِّ عَادَةً فَقَامَ مَقَامَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّهُ مَغِيبٌ عَنْ بَصَرِهِ فَرُبَّمَا لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ لَمَّا خَرَجَ لِقِلَّتِهِ فَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ الِاحْتِيَاطِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. قَالَ (وَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْجِمَاعِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ مَا لَمْ يُنْزِلْ)؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الْفَرْجِ لَيْسَ نَظِيرَ الْفَرْجِ فِي اسْتِطْلَاقِ وِكَاءِ الْمَنِيِّ بِمَسِّهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْحَدِّ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْإِكْسَالِ فَقَالَ يُوجِبُ فِيهِ الْحَدَّ، وَلَا يُوجِبُ فِيهِ صَاعًا مِنْ مَاءٍ. قَالَ (وَمَنْ احْتَلَمَ، وَلَمْ يَرَ شَيْئًا فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّهُ تَفَكَّرَ فِي النَّوْمِ فَهُوَ كَالتَّفَكُّرِ فِي الْيَقَظَةِ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الْإِنْزَالُ (قَالَ) فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَحْتَلِمْ، وَلَكِنَّهُ اسْتَيْقَظَ فَوَجَدَ عَلَى فَخِذِهِ، أَوْ فِرَاشِهِ مَذْيًا فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - احْتِيَاطًا (وَقَالَ) أَبُو يُوسُفَ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَاتَ طَاهِرًا بِيَقِينٍ فَلَا يُصْبِحُ جُنُبًا بِالشَّكِّ ، وَخُرُوجُ الْمَذْيِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ دُونَ الِاغْتِسَالِ.، وَحُجَّتُهُمَا فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ «مَنْ أَصْبَحَ فَوَجَدَ مَاءً، وَلَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ احْتَلَمَ، ثُمَّ أَصْبَحَ عَلَى جَفَافٍ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ»، وَلَسْنَا نُوجِبُ الِاغْتِسَالَ بِخُرُوجِ الْمَذْيِ إنَّمَا نُوجِبُهُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ، وَلَكِنْ مِنْ طَبْعِ الْمَنِيِّ أَنْ يَرِقَّ بِإِصَابَةِ الْهَوَاءِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْخَارِجَ كَانَ مَنِيًّا قَدْ رَقَّ قَبْلَ أَنْ يَسْتَيْقِظَ، وَمُرَادُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ قَوْلِهِ فَوَجَدَ مَذْيًا مَا يَكُونُ صُورَتُهُ صُورَةَ الْمَذْيِ لَا حَقِيقَةَ الْمَذْيِ. ثُمَّ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَمَسْأَلَةِ الْمُبَاشَرَةِ الْفَاحِشَةِ، وَمَسْأَلَةِ الْفَأْرَةِ الْمُنْتَفِخَةِ أَخَذَ بِالِاحْتِيَاطِ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَافَقَهُ فِي الِاحْتِيَاطِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُبَاشَرَةِ

1 / 69