فصل في ذكر بيعة الأنصار بالعقبة الآخرة
قال أهل التاريخ:
فلما كان العام القابل من حيث واعد الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقوه بمكة، خرج سبعون رجلا من الأنصار فيمن خرج من أهل الشرك من قومهم بالمدينة، فلما كانوا بذي الحليفة قال البراء بن معرور بن صخر بن خنساء وكان كبير الأنصار أي قد رأيت رأيا ما أدري أتوافقونني عليه أم لا؟
قد رأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر، وأن أصلي إليها يعني الكعبة، فقالوا: والله ما هذا برأي وما كنا لنصلي إلى غير قبلة.
وأبى البراء أن يصلي [إلا] إلى الكعبة، فلما غابت الشمس صلى إلى الكعبة وصلى أصحابه إلى الشام حتى قدموا مكة.
فقال البراء بن معرور لكعب بن مالك: يا بن أخي لقد وقع في نفسي مما صنعت في سفري هذا، فانطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسأله عما صنعت.
وكانوا لا يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كانوا يعرفون العباس بن عبد المطلب لأنه كان يختلف إليهم إلى المدينة تاجرا، فخرجوا يسألون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة حتى إذا كانوا بالبطحاء سألوا رجلا عنه فقال: هل تعرفونه؟
قالوا: لا، قال: فهل تعرفون العباس بن عبد المطلب؟
قالوا: نعم، قال: فإذا دخلتم المسجد فانظروا الرجل الذي مع العباس جالس فهو من تركته معه الآن.
صفحه ۲۵۰