القسم الثاني
النص المحقق
صفحه ۴۱
الباب الثالث
((ق (¬1) (أبو موسى (¬2) رضي الله عنه (¬3))) إتفقا على الرواية عنه (¬4)
صفحه ۴۲
((لا أحد أصبر على أذى)) وهو بمعنى المؤذي وهو المكروه المؤلم ظاهرا كان أو باطنا وهو في حق الله تعالى ما يخالف رضاه (¬5) وأمره ((سمعه)) صفة أذى أي: كلام مؤذي ((من الله)) وهو متعلق بأصبر. والصبر حبس النفس عما تشتهيه وهو في حق الله تعالى حبس العقوبة عن مستحقها إلى وقت (¬6). ومعناه قريب من معنى الحلم إلا أن الفرق بينهما أن المذنب لايأمن العقوبة في صفة الصبور (¬7) كما يأمنها في صفة الحليم ((أنه يشرك به)) هذا تعليل لما قبله ((ويجعل له الولد)) الفعلان كلاهما على صيغة المجهول ((ثم هو يعافيهم ويرزقهم)) يعني يقول بعض عباد الله وإمائه أن له شريكا في ملكه وينسب له ولدا ثم الله تعالى يعطيهم من أنواع النعم من العافية والرزق وغيرهما فهذا كرمه ومعاملته مع من يؤذيه فما ظنك بمعاملته مع من (¬8) يتحمل [كل ما جاء من عند الله] ويثني عليه (¬9) ((ق (إبن مسعود (¬1) رضي الله عنه)) إتفقا على الرواية عنه (¬2)
((لا أحد أغير (¬3))) بالرفع (¬4) خبر لا وهو أفعل تفضيل من الغيرة ويجوز أن يكون صفة أحد والخبر محذوف (¬5) ((من الله (¬6))) والغيرة (¬7) بفتح الغين المعجمة كراهة شركة الغير في حقه وهي مستحيلة في شأن الله تعالى والمراد بها ههنا شدة المنع لأن الغائر على أهله مانع عنه عادة فالمنع من لوازم الغيرة ((ولذلك حرم الفواحش)) الفاحشة ما تجاوز (¬8) عن حد الشرع (¬9) ((ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه المدح من الله ولذلك مدح نفسه)) أي ذاته إعلم أن هذه المحبة في الحقيقة لمصلحة عباده لأنهم يثنون عليه فيثيبهم فينتفعون به لا أن في مدحه عائدا إليه. وفي رواية أسماء بنت أبي بكر (¬10) ((لا شيء أغير من الله)) (¬11).
صفحه ۴۳
((خ إبن عباس (¬1) رضي الله تعالى عنهما)) روى البخاري (¬2) عنه (¬3)
((لا بأس عليك طهور)) يعني لا شدة عليك في مرضك بالحقيقة لأنه سبب لطهارتك من الذنوب (¬4) ... ((إن شاء الله تعالى (¬5) قاله لأعرابي دخل عليه يعوده)) قال الراوي: فقال (¬6) الأعرابي: ((كلا بل هي حمى (¬7) تفور على شيخ كبير تزيره (¬8) القبور)) يعني بل فيه بأس شديد لأنه حمى تغلي (¬9) كغليان القدر قريب من أن تزيرني القبور فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((فنعم إذن)) يعني هذا المرض ليس بمطهر لك إذا لم تقبل ما قلته الأظهر أنه كان من المنافقين (¬10).
قال الجوهري (¬11): الأعرابي منسوب إلى الأعراب وهم سكان البادية خاصة وليس هو جمع عرب لأن العرب من كان من نسل إسماعيل صلى الله عليه وسلم سواء كان (¬12) ساكنا بالبادية (¬13) أو (¬14) غيرها وإنما النسبة إليهم عربي (¬15).
صفحه ۴۴
((م (جابر (¬1) رضي الله عنه)) روى مسلم (¬2) عنه (¬3)
((لا تأكلوا بالشمال فإن الشيطان يأكل بالشمال)) قال الكلاباذي (¬4) الشيطان جسم يجوز أن يكون له يمين لكن لا يأكل بيمينه لأنه معكوس مقلوب الخلقة فنهى (1/ب) النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعلوا (¬5) كفعله ويجوز أن يقال شمال الإنسان مشؤوم بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم عينه للإستنجاء وأن الكافر يعطى كتابه بشماله يوم القيامة فيكون يدا الشيطان كلتاهما شمالا لأن نفسه مشؤوم فكره النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمن أن يأكل بشماله لئلا تذهب بركة الطعام (¬6). ويجوز أن يقال النهي عن الأكل بالشمال لأن فيه الإستهانة بنعمة الله لأن الشيء إذا حقر يتناول باليسرى عادة (¬7) (¬8).
صفحه ۴۵
((م (أبوهريرة (¬1) رضي الله عنه)) روى مسلم عنه (¬2)
((لاتبادروا الإمام إذا كبر فكبروا)) هذا إلى آخر الحديث وتفصيل بعض ما أجمله ((وإذا قال {ولا الضالين} (¬3) فقولوا آمين)) بمد وقصر وتشديد الميم خطأ (¬4) معناه ليكن كذا و(¬5) كذا قاله الجوهري (¬6) إستدل به مالك (¬7) على أن الإمام لا يقول آمين لأنه صلى الله عليه وسلم قسم والقسمة (¬8) تنافي الشركة (¬9) فنقول قضية القسمة كانت كذلك لو لم يعارضها حديث آخر وهو ((إذا أمن الإمام، فأمنوا)) (¬10)، ((وإذا (¬11) ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله (¬12) لمن حمده)) معناه سمع الله الحمد لمن حمده وأجاب بخير كذا روي عن علي (¬13) رضي الله عنه (¬14) وقيل معناه قبل الله كما يقال سمع القاضي البينة أي قبلها.
وفي الفوائد الحميدية الهاء في حمده للسكتة والإستراحة لا للكناية كذا نقل عن (¬15) الثقات (¬16).
صفحه ۴۶
وفي المستصفى الهاء للكناية ((فقولوا اللهم ربنا لك الحمد)) إحتج به أبوحنيفة (¬1) رحمه الله تعالى على أن الإمام لا يقول ((ربنا ولك الحمد)) (¬2) لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الأقوال بين الإمام والمؤتم والشركة فيها تنافي القسمة كما (¬3) في قوله صلى الله عليه وسلم ((البينة على المدعي واليمين على من أنكر)) (¬4)
وقال (¬5) صاحباه (¬6) والشافعي (¬7) أنه يقولها (¬8) وإستدلوا بما روي عن أبي هريرة (¬9) رضي الله عنه أن النبي (كان يجمع بين الذكرين (¬10).والجواب أنه محمول على حالة الإنفراد.
صفحه ۴۷
((ق إبن مسعود رضي الله عنه)) (¬1)
((لا تباشر (¬2) المرأة المرأة)) هذا خبر بمعنى النهي يعني لاتمس بشرة (¬3) إمرأة ببشرة إمرأة (¬4) أخرى وهي ظاهر جلد الإنسان ((فتنعتها)) بالنصب أي تصف ما رأت من حسن بشرة أخرى ((لزوجها كأنه ينظر إليها)) فيتعلق قلبه بها فيقع بذلك فتنة المنهي في الظاهر وإن كان المباشرة لكنه في الحقيقة هو توصيف المذكور. وقال صاحب التحفة رقم المصنف هذا الحديث بعلامة ق لكنه مما إنفرد (¬5) به البخاري أخرجه عن أبي وائل (¬6) وهكذا رواه صاحب شرح السنة (¬7) والحميدي (¬8) (¬9).
((م (أبوهريرة رضي الله تعالى عنه)) روى مسلم عنه (¬10)
((لا تبتاعوا الثمر حتى يبدو صلاحه)) وهو أن يصلح للتناول. عمل الشافعي بالحديث ولم يجوز بيع التمر قبل ظهور صلاحه (¬11).
وجوزه أبوحنيفه (¬12) رحمه الله تعالى لأنه مال متقوم منتفع به في الزمان الثاني (¬13) فيجوز كما في بيع النجش (¬14) (¬15).
صفحه ۴۸
ويمكن أن يقال هذا (2/أ) الحديث متروك الظاهر عند الشافعي (¬1) أيضا (¬2) لأنه صحح البيع بشرط القطع (¬3) فلا ينتهض حجة له بإطلاقه ((ولا تبتاعوا التمر بالتمر)) يعني متفاضلا (¬4).
((م (أبوهريرة رضي الله عنه)) روى مسلم عنه (¬5)
((لا (¬6) تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام)) قيل النهي للتنزيه وضعفه النووي (¬7) وقال الصواب أن إبتداءهم بالسلام حرام لأنه إعزاز ولا يجوز إعزاز الكفار (¬8).
وقال الطيبي (¬9):المختار أن المبتدع لايبدأ بالسلام ولو سلم على من لايعرفه فظهر ذميا يقول إسترجعت سلامي تحقيرا له (¬10).أما إذا سلموا على المسلم فقد جاء في حديث آخر أنه يردهم بقوله ((وعليكم)) (¬11) ولا يزيد عليه (¬12) ولكن الدعاء لهم بمقابلة إحسانهم غير ممنوع لما روى أن يهوديا حلب للنبي صلى الله عليه وسلم نعجة فقال صلى الله عليه وسلم ((اللهم جمله)) (¬13) فبقي إسوداد شعره إلى قريب من سبعين سنة ((فإذا لقيتم أحدهم في طريق، فاضطروه إلى أضيقه)) يعني لا تتركوا إليهم صدر الطريق هذا في صورة الإزدحام وأما إذا خلت الطريق فلا حرج.
صفحه ۴۹
((ق (أبوبشير (¬1) الأنصاري رضي الله عنه)) إتفقا على الرواية عنه. (¬2)
قيل لم يوقف على إسمه مارواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أحاديث (¬3) ولم يخرج له في الصحيحين سوى هذا الحديث ((لا تبقين)) بفتح القاف من الإبقاء ((في رقبة بعير قلادة من وتر)) بفتحتين وأحد أوتار القوس (¬4) ((أو قلادة)) شك من الراوي في أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((قلادة من وتر)) أو قال ((قلادة)) ولم يقيدها بالوتر ((إلا قطعت)) قيل سبب النهي خوف إختناق البعير بها عند شدة الركض أو عند تشبث الوتر بالشجر (¬5). وقيل انهم كانوا يقلدون الإبل الأوتار (¬6) لئلا يصيبهم العين فنهاهم عن ذلك إعلاما بأن الأوتار لا تردشيئا وأما من فعل ذلك للزينة فلا بأس (¬7).
((م (إبن عمر (¬8) رضي الله عنهما)) روى مسلم عنه (¬9)
((لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه)) معناه واضح قال صاحب التحفة رقم الشيخ بعلامة مسلم لكنه مما إتفقا عليه (¬10).
صفحه ۵۰
((م (عثمان رضي الله عنه)) روى مسلم عنه (¬1)
((لاتبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين)) معناه واضح.
((ق (أبو سعيد (¬2) الخدري رضي الله عنه)) إتفقا على الرواية عنه (¬3)
((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل)) وهو (¬4) حال أو تمييز ((ولا تشفوا (¬5))) من الأفعال أي لا تزيدوا في البيع ((بعضها على بعض)) وهذه الجملة تأكيد لما قبله.
الشف من الأضداد (¬6) يستعمل في النقصان والزيادة وهنا بمعنى الزيادة بقرينة على (¬7) والذهب قد يؤنث ((ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها)) الضمير فيه عائد إلى الورق بإعتبار (2/ب) الفضة ((على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز)) أي نسيئة بنقد والناجز هوالحاضر ومنه إنجاز الوعد أي إحضاره (¬8).
((م (إبن عباس رضي الله عنهما)) روى مسلم عنه (¬9)
((لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا)) وهوالهدف المرمي بالسهام ونحوها ((قاله صلى الله عليه وسلم لما رأى الناس يرمون دجاجة محبوسة للرمي)) قال النووي هذا النهي للتحريم لأنه صلى الله عليه وسلم قال في رواية إبن عمررضي الله عنهما) ((لعن الله من فعل هذا)) (¬10) ولأنه تعذيب للحيوان وتضييع للمالية من (¬11) غير فائدة (¬12).
صفحه ۵۱
((ق (إبن عمر (رضي الله تعالى (¬1) عنهما)) إتفقا على الرواية عنه (¬2)
((لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون)) تقدم الكلام عليه في آخر فصل إن في حديث ((إن هذه النار عدو لكم)) (¬3).
((خ (أبوهريرة رضي الله عنه)) روى البخاري عنه (¬4)
((لا تمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموهم)) أي العدو يستوي فيه الواحد والجمع كما قال تعالى {فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} (¬5) ((فاصبروا)) إنما نهى عن تمني لقاء العدو لما فيه من صورة الإعجاب والوثوق بالقوة ولأنه يتضمن قلة الإهتمام بالعدو وتحقيرهم وهذا يخالف الإحتياط.
صفحه ۵۲
((م (أبوهريرة رضي الله عنه)) روى مسلم عنه (¬1)
((لا تجعلوا بيوتكم مقابر)) أي كالمقابر في خلوها عن الذكر والطاعة ((بل إجعلوا لبيوتكم من القرآن (¬2) نصيبا (¬3))) وقيل معناه لا تدفنوا (¬4) موتاكم في بيوتكم (¬5) ولكن قوله صلى الله عليه وسلم ((إن الشيطان ينفر من البيت الذي يقرأ (¬6) فيه سورة البقرة)) لا يناسب هذا المعنى ولأن النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته.
وقيل معناه لا تجعلوا بيوتكم أوطانا للنوم لا (¬7) تصلون فيها فإن النوم أخو الموت (¬8).وفي الحديث دلالة على عدم كراهة أن يقال سورة البقرةوحجة على من كرهه وقال ينبغي أن يقال السورة التي فيها البقرة (¬9).
((م (أبو مرثد (¬10) رضي الله عنه)) بفتح الميم وسكون الراء وفتح الثاء المثلاثة ((الغنوي رضي الله عنه)) بفتح الغين المعجمة وفتح النون قيل هومن كبار الصحابة ما (¬11) رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان (¬12) إنفرد مسلم بهذا الحديث (¬13)
((لا تجلسوا على القبور)) النهي للتنزيه إنما كره الجلوس على القبر لما فيه من الإستخفاف للميت لم يكرهه بعض العلماء لما روى أن إبن عمررضي الله عنهما) كان يجلس على القبور (¬14). وعليا رضي الله عنه كان يضطجع عليها (¬15) وحملوا النهي على الجلوس للبول (¬16) (¬17) ((ولا تصلوا إليها)) لأن فيه مشابهة الكفار.
صفحه ۵۳
((خ (أبوهريرة رضي الله عنه)) روى البخاري عنه (¬1)
)) لا تحاسدوا)) الحسد تمني زوال نعمة المحسود إلى الحاسد وهو مذموم ((ويروى لا حسد إلا في اثنتين (¬2))) أي في خصلتين إثنتين ((رجل)) أي خصلة رجل وهو بالرفع خبر مبتدأ محذوف وبالجر بدل من إثنتين (¬3). ويروى ((في إثنين)) أي في شأن إثنين فعلى هذا لا حاجة إلى تقدير خصلة في رجل ((آتاه الله)) أي أعطاه ((القرآن فهو يتلوه (¬4) آناء الليل)) أي في ساعاته ((وآناء النهار فهو)) أي الحاسد ((يقول لو أوتيت (3/أ) مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه في حقه)) أي في حق الله قيد به لأن كل إنفاق ليس جائزالحسد بل الإنفاق في سبيل الله ((فيقول لو أوتيت مثل ما أوتي)) أي المحسود ((لفعلت كما يفعل)).إعلم أن هاتين الصورتين صورتا الغبطة لا الحسد لأن الغبطة أن تتمنى لك مثل ما لأخيك من غير تمني زواله عنه (¬5) وهذا مرضي إذا كان المتمنى (¬6) مما يتقرب به إلى الله تعالى. وإنما أطلق عليها الحسد بإعتبار كونها في صورة الحسد من وجه وإن (¬7) الحصر فيهما غير مقصود بل يفهم بدلالة نصهما أن كل ما هو في معناهما من القرب والعبادات. فالحسد فيه مستحب يعني لا قدر ولا عزة لشيء مما يتمنى (¬8) المسلم حصوله في الدنيا إلا لهاتين الخصلتين وما في معناهما (¬9).
((ق (أبوهريرة رضي الله عنه)) إتفقا على الرواية عنه (¬10)
((لا تحاسدوا ولا تناجشوا)) النجش هو أن تزيد في ثمن السلعة ولا رغبة لك في شرائها (¬11) وقيل هو طلب رفعه على أحد (¬12) وقيل هو تحريض الغير على الشراء (¬13) ((ولا تباغضوا ولا تدابروا)) أي لاتقاطعوا ((وكونوا عباد الله إخوانا )).
صفحه ۵۴
قال الشيخ الكلاباذي معنى ((لا تباغضوا)) لا تختلفوا في الأهواء والمذاهب لأن البدعة في الدين والضلال عن الطريق المستقيم يوجب البغض عليه (¬1) ((ولا تدابروا)) أي لا تغتابوا وصفة الأخوة التقابل كما قال تعالى {إخوانا على سرر متقابلين} (¬2)
((م (أم الفضل (¬3) رضي الله عنها)) وهي إمرأة العباس (¬4) أخت ميمونة (¬5) زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
صفحه ۵۵
يقال إنها أول إمرأة أسلمت بعد خديجة (¬6) ما روته عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثون حديثا (¬7) أخرج لها في الصحيحين ثلاثة (¬8) أحاديث إنفرد بأحدهما البخاري (¬9) ومسلم بهذا الحديث (¬10) ((لاتحرم الإملاجة والإملاجتان)) وهي بالجيم أن تلقم المرأة ثديها للصبي مرة واحدة (¬1).
((م (عائشة (¬2) رضي الله عنها)) روى مسلم عنها (¬3)
((لا تحرم المصة ولا المصتان)) قال داود (¬4) لا يثبت الرضاع بأقل من ثلاث من رضعات آخذا بظاهر الحديث (¬5) والأكثرون على أن قليل الرضاع وكثيره محرم (¬6) وإليه ذهب أبوحنيفة رحمه الله تعالى (¬7) إستدلالا (¬8) بقوله تعالى {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم} (¬9) سيق لبيان المحرمات وهو بإطلاقه يتناول القليل والكثير (¬10) وخبر الواحد لا يصلح أن يقيد إطلاق الكتاب (¬11).
صفحه ۵۶
((م (أبوجري)) (¬1) بضم الجيم وفتح الراء المهملة وتشديد الياء ((الهجيمي)) (¬2) بضم الهاء وفتح الجيم وكسر الميم وتشديد الياء. قال صاحب التحفة (¬3) لم يخرج الشيخان له حديثا في صحيحهما (¬4) والحديث المنسوب إليه في المتن مما رواه (¬5) أبو داود في سننه وأنت ترى أن المصنف نسبه إلى ((مسلم (¬6))) (¬7) قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أعهد إلى قال ((لا تسبن أحدا ولا تحقرن من المعروف شيئا)) المعروف إسم لما عرف من طاعة الله تعالى والتقرب إليه ويطلق على الإحسان إلى الناس أيضا (¬8) فإن أريد به الثاني فمعناه يحتمل وجهين. أحدهما لاتحقرن معروفا فعله غيرك فتمتنع عن الإقدام بمكافاته فيفضي ذلك إلى التهاجر (3/ب) والتقاطع. والثاني لاتحقرن معروفا تريد
أن تفعله أنت مع (¬9) غيرك فتمتنع عن ذلك فتصير بخيلا بإعتيادك عليه ((ولا تواعد أخاك موعدا) مصدر ميمي (فتخلفه) قيل التواعد يستعمل في الخير (¬10) والإيعاد في الشر (¬11).
صفحه ۵۷
((م (عبدالرحمن بن سمرة (¬1) رضي الله عنه)) قيل (¬2) أنه فتح سجستان (¬3) وكابل (¬4) ثم نزل البصرة (¬5) ومات بها. ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة عشر حديثا (¬6)
أخرج له في الصحيحين ثلاثة أحاديث إنفرد بأحدها البخاري (¬7) ومسلم بهذا الحديث (¬8)
((لا تحلفوا بالطواغي)) جمع طاغية وهي ما يعبدونه من صنم وغيره لآنها يطغى (¬9) بها (¬10) ويجوز أن يراد بها من طغى وجاوز الحد في الشر وهم عظماء الكفار (¬11) ((ولا بآبائكم)). (فإن قلت) أقسم النبي صلى الله عليه وسلم على الأب حين قال في حق وفد (أفلح وأبيه إن صدق) (¬12). قلنا تلك الكلمة جرت على لسانه صلى الله عليه وسلم على عادتهم لا على قصد القسم (¬13).
صفحه ۵۸
((م (عبدالمطلب بن ربيعة (¬1) رضي الله عنه)) روى مسلم عنه (¬2).
قيل ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية أحاديث (¬3) لم يخرج له في الصحيحين سوى هذا (¬4) ((لاتحل الصدقة لآل محمد إنما هي من أوساخ الناس)) أي سبب لذهاب ذنوبهم لأن الثواب يراد بها. جعل الصدقة وسخا تجوزا قيد بالصدقة لأن الهدية جائزة للنبي صلى الله عليه وسلم وأهله لأنها يراد بها الألفة (¬5) تقدم الكلام على تفصيل (¬6) الصدقة في الباب الثاني في حديث ((إني لأنقلب إلى أهلي)) (¬7)
((م (أبوهريرة رضي الله عنه)) روى مسلم عنه (¬8)
صفحه ۵۹
((لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام)) قال النووي تختصوا بإثبات التاء في الأول بين الخاء والصاد وبحذفها في الثاني هكذا وقع في أصول نسخ مسلم (¬9). ليلة الجمعة مفعول به وكذا يوم الجمعة ((إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم)) ذكر في شرح المشكاة تقديره إلا أن يكون يوم الجمعة واقعا في يوم صوم يصومه أحدكم وذلك بأن كان نذر أن يصوم يوم يلقى حبيبه فوافق يوم الجمعة (¬10) أقول على هذا يلزم أن يكون يوم الجمعة مظروفا ليوم الصوم وهو غير مستقيم. والوجه أن يقال الضمير في يكون عائدا إلى مصدر لا تختصوا. قال الإمام الطيبي سبب النهي إن الله إستأثر يوم الجمعة بعبادة (¬1) فلم ير أن يخصه العبد بشيء من الأعمال سوى ما خصه الله به (¬2) وقال النووي سببه أن يوم الجمعة يوم عبادة وتبكير (¬3) إلى الصلاة وإكثار ذكر ويوم غسل فاستحب الفطر فيه ليكون أعون على هذه الوظائف وأدائها بلا سآمة (¬4) كما إستحب الفطر للحاج يوم عرفة (¬5). (فإن قلت) لو كان كذلك لما زال الكراهة بصوم يوم (¬6) قبله أو بعده (أجيب عنه) بأن يوم الجمعة وإن حصل فتور في وظائفه بسبب صومه لكن يمكن أن يحصل له بفضيلة الصوم الذي قبله أو بعده ما ينجبر ذلك به (¬7).
وقال شارح (¬8) إحكام الأحكام سببه أن هذا اليوم كان له فضيلة جدا على الأيام وكان (¬9) الداعي إلى صومه قويا فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه حذرا أن يلحقه العوام بالواجبات بتتابعهم على صومه إلى هنا كلامه (¬10) لكن يرد عليه النقض بيوم عرفة وعاشوراء فإنه يندب (4/أ) صومهما ولايلتفت إلى هذا الإحتمال البعيد وأنت خبير بأن هذه الأقوال بيان أسباب النهي عن تخصيص يوم الجمعة دون تخصيص ليلته.
وقال الشيخ المظهر (¬11) إنما نهى عن تخصيصهما تحذيرا عن موافقة اليهود والنصارى لأنهم كانوا يعظمون يوم السبت والأحد بالصيام وليلتهما بالقيام زاعمين أنهما أعز أيام الأسبوع فاستحب أن تخالفهم في طريق تعظيم ما هو أعز الأيام وهو يوم الجمعة (¬12).قال النووي في الحديث نهي صريح عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة (¬13). إحتج به (4/ب) العلماء على كراهية الصلاة المبتدعة التي تسمى الرغائب (¬14) قاتل الله واضعها وقد صنف الأئمة مصنفات في تقبيحها وتضليل مبتدعها أكثر من أن يحصى (¬15).
صفحه ۶۰