وإنا نذكر كلمة مجملة في تاريخ نشوء نظرية المعرفة (إبستمولوجيا)، ففي عصر الفلسفة القديمة كان السوفسطائيون أول من أثار البحث في المعرفة، ومهدوا السبيل للعقليين والتجربيين، وفيها بحث الإيليون وأفلاطون وأرسطو، وفيها بحث الرواقيون والشكاك والأبيقوريون، وفي العصور الحديثة كانت هذه المسألة في مقدمة المسائل عند البريطانيين وغيرهم من الممالك الأوروبية في القرن السابع عشر، فكان للعقليين نفوذ كبير في ممالك أوروبا غير بريطانيا بما وضعه ديكارت 1650، وسبينوزا 1677، وليبنتز 1716، وولف 1754. أما الباحثون البريطانيون: بيكون 1626، وهوبز 1679، ولا سيما جون لوك 1632-1704 فكانوا تجربيين، وقد أدت أبحاث لوك التجربية إلى مذهب الشك الذي وضعه هيوم 1776 في إنجلترا، كما أن بحث هيوم كان باعثا قويا «لكانت» على أن يرقى مذهبه النقدي، وكما قيل: «ينبهه من نومه اليقيني.»
هوامش
الخاتمة
هذا باختصار تام هو موضوع الفلسفة ومجالها بجميع فروعها، وإنه لمن الصعب أن نحيط بموضوع كهذا - كتبت فيه مجلدات - في رسالة صغيرة كهذه ألفت لسواد الناس، ومما يزيد الأمر صعوبة أن يكون موضوع البحث مما اختلفت فيه الآراء اختلافا كبيرا كما هو الشأن في الفلسفة، حتى لقد وصل الجدال وامتد الخلاف إلى تعريف الموضوع وماهيته، وإني لآمل أن أكون قد أوضحت للقارئ شيئين: (1)
أن الفلسفة تحاول أن تجيب عن هذه الأسئلة الباقية أبدا؛ وهي: كيف؟ وما؟ ولم؟ ما حقيقة الشيء الموجود؟ كيف ظهر إلى الوجود؟ ماذا نعرف؟ ماذا يجب أن نعمل؟ لم يجب أن نعمل بهذه الطريقة دون غيرها؟ (2)
أن الفلسفة ليست شيئا بعيدا عن الحياة الحقيقية، بل إنها شيء مرتبط بمسائل الحياة اليومية؛ مدرستها العالم، وموضوعها ظواهر الكون، وكتبها العقل الإنساني، هي الفكر موجها إلى العالم الذي حولنا وإلى كل مظاهره، وإلى حياة العالم الفسيح الذي كل منا جزء منه، وإلى نفسنا التي بين جنبينا، وبالإجمال إلى العالم الكبير والعالم الصغير (الإنسان). كل هذا شيء معروض على الوضيع والرفيع، على العالم والجاهل، فكل إنسان - باعتبار ما في بعض لحظات حياته - فيلسوف، وستدوم الفلسفة ما دام الفكر البشري. نعم، ليست مسائل الفلسفة في كل العصور سواء، ولا يمكن أن يكون ذلك كذلك؛ فإن الفكر الإنساني في تقدم ورقي مشاهد في كل مكان، فكم من مسائل اختفت وحل محلها مسائل جديدة، وكما أن الكهل يبتسم عندما يلقي بنظرة على آرائه أيام صباه، فيرى أن أهم شيء كان يراه في أمسه أصبح تافها في يومه، كذلك النوع البشري في سيره قدما يغير مزاعمه وآراءه ومثله العليا، وينبذ عقائد ويعتقد أخرى، ولا يكاد العقل البشري يجد حلا لمعضلة قديمة حتى تظهر أخرى جديدة، ويكاد في نفس الوقت الذي وفق فيه إلى حل ظاهرة غامضة وإيضاحها تظهر مشكلة جديدة في أفق الفكر البشري، وأن حب المعرفة والشوق إليها والرغبة في كشف الحجاب عن الطبيعة والنفوذ إلى أسرارها لمعرفة الحقيقة ستظل خالدة في أعماق صدر الإنسان. نعم، إن الثورات العظيمة التي تقوم في مملكة الفكر ستحل الألغاز القديمة، وتقلب الأفكار العميقة المتأصلة رأسا على عقب، وتبدد العقائد القديمة والمثل العليا العتيقة، ولكن لا بد أن يكون للإنسان جديد يقوم مقامها. وإن حل الألغاز المتشعبة التي لا تفتأ تظهر، والعمل على إيجاد مثل عليا جديدة، ووضع الحقيقة الجديدة محل القديمة واعتناقها، وبناء الإنسان أعماله وسلوكه عليها، كان ولا يزال وسيكون غرض الفلسفة.
معجم لأشهر الرجال الذين ورد ذكرهم في الكتاب
أرسطو أو أرسططاليس
Aristotle :
384-322ق.م أعظم فلاسفة اليونان الأقدمين، رحل إلى أثينا ولازم أفلاطون يأخذ عنه العلم حتى مات أفلاطون، وأسس بأثينا مذهبا يسمى أتباعه بالمشائين؛ لأنه كان يعلم في مماش مظللة، ويلقب بالمعلم الأول لأنه أول من جمع علم المنطق ورتبه واخترع فيه، وقد دعاه فيلبس لتعليم ابنه الإسكندر المقدوني، فعلمه نحو ثلاث سنوات، وله كتب كثيرة في فروع العلم المختلفة.
صفحه نامشخص