والتجأت يد النواب محمود ميرزا الأفغانى- الذى جاء بالحسرة من جور الزمان وجفاء أخيه زمان ميرزا وظلمه له- بستارة باب القصر الكسروى [ص 37]، واتسعت عين الرجاء من حضرته فى استخلاص الملك الموروث، وحتى ذلك الوقت لم يترتب رأى حلال العقد من أجل نتيجة مطلوبة، وإن كان مشتاقا للالتزام بالركاب المستطاب، لكن تحمل مشاق سفره جاء شاقا على الطبع المنزه من وجهة رعاية الضيف، ومع هذا، كان هواء مقام العرش أحر من قلب العشاق، وكلفه فى تحمل كامل بالتوقف فى كاشان ومشاهدتها وبضيافة أحد خدام (بلاط) زحل المقام، كى تفتح الأيام رباط الغم عن القلب فى صحراء تلك الديار بصيد (طائر) الحجل الكبير الحجم حتى موعد ضياء شمس الظفر من مغرب السفر فى مشرق العزة وبأن تجلى الليالى فى قصر تلك المدينة صدأ كربة الغربة عن مرآة خاطره بمصقل حديث الظرفاء والأشعار الدرية، وأمر بتعيين محمد ولى خان القاجارى مع فوج من الجيش لقيادة إقليم على شكر، وإخماد نار فتنة محمد خان بن زكى خان الزندى، وقرر لحسين قلى خان الأفشارى بأن يسمح له بالانصراف من بلاط صاحب الدنيا، وأن يجمع أنصاره من طائفة الأفشار، وأن يخضع قلعة أرومية، وأن يقبض على عمه بكل طريقة يعلمها ويقدرها، وكلف نظام الدولة سليمان خان القاجارى بنقل الجيش ملجأ الظفر، وأخذت الراية المنصورة فى التحرك من خلفه، ولما صار بعد عدة أيام مرج سلطانية مضربا بخيام جيش أثار النصر، سقطت النار فى بيدر استقرار متمردى أذربيچان، فمن أولئك الثلاثة الخبثاء النفس صادق خان- الذى كان قد اختبر ذهب قلبه لمرات فى دار الضرب المعركة برمح الامتحان- لأن مقصوده كان ظهور خيانة جعفر قلى خان، والتى صدرت، فأعرض بوجهه عن مساعدة أعوانه، وتوسل مضطرا إلى مسئولى الدولة، وجعل سليمان خان شفيعا لذنوبه، ولم يضع يد الرفض على صدره، وبكتابة العريضة المزوجة بالتضرع طلب له العفو والأمان من الحضرة العلية، ومن بلاط الشاهنشاه وصل إلى صادق خان حاملا بشرى جميع الآمال، نظم [بيت ترجمته].
هذا بلاطنا فليس هو بلاط اليأس ... فأنت قاصده حتى لو هزمت منه مائة مرة
[ص 38]
وفى منزل" سنك" قبل جيش العتبة المؤسسة على العدل التراب، وتفسخت عقدة جمع جعفر قلى خان ومحمد قلى خان عن بعضها، وغاص زورق قرارهما فى دوامة الحيرة، وبقلب مجروح ويد الحزن على جرحه، والغريق يتشبث بكل حشيش «1»، وخرجا برأسيهما، فلجأ واحد إلى ديار البطل الرومى وواحد إلى قلعة آروميه عند حسين قلى خان الأفشارى، الذى كان قد ذهب إلى آرومية قبل تحرك الموكب المسعود بمعاونة محمد على بك عرب رئيس فرقة الغلمان وبمرافقة طائفة بلباس، فقبض على عمه، وأخضع القلعة، وعرض كيفية الواقعة على موطئ العرش الأعلى، وعين منشئ الممالك ميرزا رضا قلى بالحكم السلطانى لضبط أمواله ومصادرتها، وكلف أشرف خان الدماوندى على حراسة البرج والحصن، وفى السادس من شهر المحرم صار الموكب المسعود خارج مدينة آرومية المنيرة للعالم عن طريق مراغه وسلدوز، وسعد القادة وعظماء تلك الأوطان من تلثيم عتبة أثار السدرة وصارت أموال وذخائر وأمتعة محمد قلى خان وأثاث سلطنته التى ضبطت، من نصيب الجنود المظفرين. وضاع فى يوم واحد عن طريق حوادث السلب والنهب الذهب والفضة والخيل والبغال التى كان قد جمعها فى سنوات.
وبعد الانتهاء من مهام آروميه، توجهت راية معجزة النصر فى السابع عشر من شهر محرم الحرام من سلماس إلى قرب خوى. وفى مرج تلك الأرض" خوى" أتت قبة خيمة الملك الوردية اللون مزدانة فى مقام واحد مع قمة الفلك الزرقاوى اللون.
صفحه ۶۷