Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool

Hafiz ibn Ahmad Hakami d. 1377 AH
113

Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool

معارج القبول بشرح سلم الوصول

پژوهشگر

عمر بن محمود أبو عمر

ناشر

دار ابن القيم

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

محل انتشار

الدمام

ژانرها

وَالْغَضْبَانَ وَاللَّاعِنَ إِلَى أَضْعَافِ أَضْعَافِ ذَلِكَ مِنَ الَّتِي أَطْلَقَ تَعَالَى عَلَى نَفْسِهِ أَفْعَالَهَا فِي الْقُرْآنِ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ وَلَا عَاقِلٌ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ اللَّهَ ﷾ لَمْ يَصِفْ نَفْسَهُ بِالْكَيْدِ وَالْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْجَزَاءِ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ الْمُجَازَاةَ عَلَى ذَلِكَ حَسَنَةٌ مِنَ الْمَخْلُوقِ فَكَيْفَ مِنَ الْخَالِقِ ﷾. قُلْتُ وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ لَكَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ النَّظَرِ فِي بَعْضِ مَا عَدَّهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَإِنَّ الْفَاعِلَ وَالزَّارِعَ إِذَا أُطْلِقَا بِدُونِ مُتَعَلِّقٍ وَلَا سِيَاقٍ يَدُلُّ عَلَى وَصْفِ الْكَمَالِ فِيهِمَا فَلَا يُفِيدَانِ مَدْحًا، أَمَّا سِيَاقِهَا مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا فَهِيَ صِفَاتُ كَمَالٍ وَمَدْحٍ وَتَوَحُّدٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: ١٠٤] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ، أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ﴾ [الْوَاقِعَةِ: ٣٦-٦٤] الْآيَاتِ بِخِلَافِ مَا إِذَا عُدَّتْ مُجَرَّدَةً عَنْ مُتَعَلَّقَاتِهَا وَمَا سِيقَتْ فِيهِ وَلَهُ، وَأَكْبَرُ مُصِيبَةٍ أَنْ عَدَّ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى رَابِعَ ثَلَاثَةٍ وَسَادِسَ خَمْسَةٍ مُصَرِّحًا قَبْلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَفِي سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ اسْمَانِ، فَذَكَرَهُمَا وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ فَإِنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا تَقْتَضِيهِ بِوَجْهٍ لَا مَنْطُوقًا وَلَا مَفْهُومًا فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ قَالَ: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ [الْمُجَادَلَةِ: ٨] الْآيَةَ وَأَيْنَ فِي هَذَا السِّيَاقِ رَابِعُ ثَلَاثَةٍ سَادِسُ خَمْسَةٍ؟ وَكَانَ حَقُّهُ اللَّائِقُ بِمُرَادِهِ أَنْ يَقُولَ: رَابِعُ كُلِّ ثَلَاثَةٍ فِي نَجْوَاهُمْ وَسَادِسُ كُلِّ خَمْسَةٍ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ أَفْعَالَهُمْ وَيَسْمَعُ أَقْوَالَهُمْ كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ صَدْرِ الْآيَةِ وَلَكِنْ لَا يَلِيقُ بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَّا سِيَاقُ الْآيَةِ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَاعْلَمْ أَنَّ دَلَالَةَ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى حَقٌّ عَلَى حَقِيقَتِهَا مُطَابَقَةً وَتَضَمُّنًا وَالْتِزَامًا، فَدَلَالَةُ اسْمِهِ تَعَالَى "الرَّحْمَنِ" عَلَى ذَاتِهِ ﷿ مُطَابَقَةً وَعَلَى صِفَةِ الرَّحْمَةِ تَضَمُّنًا وَعَلَى الْحَيَاةِ وَغَيْرِهَا الْتِزَامًا وَهَكَذَا سَائِرُ أَسْمَائِهِ ﵎، وَلَيْسَتْ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَهُ كَمَا يَقُولُهُ الْمُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ جل هُوَ الْإِلَهُ وَمَا سِوَاهُ عَبِيدٌ وَهُوَ الرَّبُّ وَمَا سِوَاهُ مَرْبُوبٌ وَهُوَ الْخَالِقُ وَمَا

1 / 119