Ma'alim Fi Al-Suluk Wa Tazkiyat Al-Nafs
معالم في السلوك وتزكية النفوس
ناشر
دار الوطن
شماره نسخه
الأولى ١٤١٤هـ
ژانرها
عليه ولا انحلال، بل هو تكليف جارٍ على موازنة تقتضي في جميع المكلفين غاية الاعتدال.. فإن كان التشريع لأجل انحراف المكلف، أو وجود مظنة انحرافه عن الوسط إلى احد الطرفين، كان التشريع رادا إلى الوسط الأعدل، لكن على وجه يميل فيه إلى الجانب الآخر ليحصل الاعدال فيه..
إلى أن قال:-
فإذا نظرت في كلية شرعية فتأملها تجدها حاملة على التوسط، فإن رأيت ميلًا إلى جهة طرف من الأطراف، فذلك في مقابلة واقع أو متوقع في الطرف الآخر.
فطرف التشديد – وعامة ما يكون في التخويف والترهيب والزجر – يؤتى به في مقابلة من غلب عليه الانحلال في الدين.
وطرف التخفيف – وعامة ما يكون في الترجية والترغيب والترخيص – يؤتى به في مقابلة من غلب عليه الحرج في التشديد، فإذا لم يكن هذا ولا ذاك رأيت التوسط لائحًا، ومسلك الاعتدال واضحًا، وهو الأصل الذي يرجع إليه.
وعلى هذا إذا رأيت في النقل من المتبرعين في الدين من مال عن التوسط، فاعلم أن ذلك مراعاة منه لطرف واقع أو متوقع في الجهة الأخرى، وعليه يجري النظر في الورع والزهد، وأشباههما، وما قابلهما» (١) . ١
والآن نورد أمثلة على وسطية أهل السنة في السلوك على النحو التالي:-
أ- أهل السنة والجماعة وسط في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الوعيدية والمرجئة، فالوعيدية من الخوارج والمعتزلة قد ينكرون المنكر، لكن بنوع من التعدي والإفراط، فجوزوا الخروج على أئمة الجور وقتالهم، مما ترتب عليه أنواع من الفساد والمنكرات أكثر مما أزالوه..
_________
(١) الموافقات ٢/١٦٣ -١٦٨ =باختصار.
1 / 24