What Ibn al-Qayyim Narrated from Shaykh al-Islam
ما رواه ابن القيم عن شيخ الإسلام
ناشر
دار القاسم
سال انتشار
۱۴۲۷ ه.ق
ژانرها
١١ - معنى قوله تعالى: ﴿لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾:
قال ابن القيم - رحمه الله -:
قوله تعالى: ﴿لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٩].
قال (١): والصحيح في الآية أن المراد به: الصحف التي بأيدي الملائكة، لوجوه عديدة منها: أنه وصفه بأنه مكنون والمكنون المستور عن العيون، وهذا إنما هو في الصحف التي بأيدي الملائكة.
ومنها: أنه قال: ﴿لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ وهم الملائكة، ولو أراد المتوضئين لقال: لا يمسه إلا المتطهّرون، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] فالملائكة مطهرون والمؤمنون متطهرون.
ومنها: أن هذا إخبار ولو كان نهياً لقال: لا يمسسه بالجزم، والأصل في الخبر: أن يكون خبراً صورة ومعنى.
ومنها: أن هذا رد على من قال: إن الشيطان جاء بهذا القرآن، فأخبر تعالى: أنه في كتاب مكنون لا تناله الشياطين ولا وصول لها إليه، كما قال تعالى: ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾ [الشعراء: ٢١٠ -٢١١] وإنما تناله الأرواح المطهرة وهم الملائكة.
ومنها: أن هذا نظير الآية التي في سورة عبس ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: ١٢ -١٦].
قال مالك في موطئه: أحسنُ ما سمعت في تفسير قوله: ﴿لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ أنها مثل هذه الآية التي في سورة عبس.
ومنها: أن الآية مكية من سورة مكية تتضمن تقرير التوحيد والنبوة والمعاد وإثبات الصانع والرد على الكفار، وهذا المعنى أليق بالمقصود من فرع عملي وهو حكم مس المحدث المصحف.
ومنها: أنه لو أريد به الكتاب الذي بأيدي الناس: لم يكن في الإقسام على ذلك بهذا القسم العظيم كثير فائدة إذ من المعلوم: أن كل كلام فهو قابل لأن يكون في كتاب حقاً أو باطلاً، بخلاف ما إذا وقع القسم على أنه في كتاب مصون مستور عن
(١) شيخ الإسلام ابن تيمية.
18