وبعد سنة 600 ميلادية كانت حركة الغزو الإسلامي الرائعة التي امتدت شرقا وغربا فكان من نتائجها تكوين الإمبراطورية العربية التي لم تسبقها إمبراطورية في عظم مساحتها، وتمشيا مع هذه النظرية يحق لنا أن نتساءل هل حدثت موجات هجرية بعد نحو ألف سنة من هذا الفتح؟ ونحسب أن الجواب على ذلك قد نجده في الحضارمة سكان السواحل الجنوبية لبلاد العرب الذين استوطنوا بعض جزائر إندونيسيا وسواحل أفريقيا الشرقية، وباستعراضنا أهمية هذه الهجرات في التاريخ نجد أن الحضارات القديمة كانت نتيجة امتزاج هذه الشعوب السامية مع السكان الأصليين في البلاد التي نزحوا إليها، ومكانة المصريين القدماء والبابليين والعبرانيين في التاريخ العالمي مشهورة ليس هنا مقام التعرض لها. (3-1) معنى كلمة عرب
ذكر الأستاذ نلدكه
Noldeke
في تاريخ المؤرخين للعالم أن الظاهر أن كلمة «عرب» معناها «صحراء».
وكان ورودها لأول مرة بنفس هذا المدلول في النقوش الأشورية التي ترجع إلى القرن التاسع قبل الميلاد.
وفي التوراة وردت في سفر أرميا في الإصحاحين الثالث والخامس والعشرين بما يستفاد منه أن المقصود هم سكان البادية، وفي بعض نقوش دارا كان يقصد من لفظ «عرباية» صحراوات العراق والشام وسينا، ويفهم مما كتبه هيرودت أنه كان يقصد بالعرب سكان المنطقة الممتدة بين الفرات في الشرق والنيل في الغرب، ولفظ «عرب» في التاريخ القديم كان يرادف لفظ «بدو» أو «بادية» في هذه الأيام، ويرى بعض علماء العبرية أن كلمة عبري ترتبط بكلمة عربي ارتباطا لغويا متينا؛ لأنهما مشتقان من أصل واحد وتدلان على معنى واحد، وأنهما مشتقان من الفعل الثلاثي «عبر» بمعنى قطع مرحلة من الطريق أو الوادي أو النهر من عبره إلى عبره أو من عبر السبيل شقها؛ وذلك لأن العرب والعبرانيين كانوا في الأصل من الأمم البدوية الصحراوية التي لا تستقر في مكان، بل ترحل من بقعة إلى أخرى بإبلها وماشيتها للبحث عن الماء والمرعى.
ويرى بعض المؤرخين - ويجاريهم فريق من المستشرقين - أن كلمة عرب مشتقة من يعرب بن قحطان، وأنه أطلقها على بعض أقاليم تهامة ومن ثم شاعت على العرب، وفي كتب العرب القدامى أن العرب إنما سموا بالعرب؛ لأنهم كانوا موسومين بين الأمم بالإعراب وهو البيان.
وهناك رأي يقول: إن كلمة عرب مشتقة من «غرب»، وأن العرب إنما سموا بذلك لارتحالهم من وطن الساميين الأصلي وهو ما بين النهرين إلى الغرب؛ إذ اللغة السامية لا غين فيها فعرب ترادف غرب.
وبمناسبة لفظ «عرب» نذكر أن أهل بابل وبعض السوريين القدامى كانوا يطلقون على العرب لفظ
Taits
صفحه نامشخص