ما هي السينما!
ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان
ژانرها
استكشاف المحرر للشكل
حتى حينما تلتقط المشاهد الخام من قبل مبتدئ، أو بالصدفة، يمكن أن تكون فاتنة بطبيعتها على نحو يختلف عن التحريك الخالص؛ لأنها قائمة على التصوير. بطبيعة الحال، فإن رسومات أي فنان تحريك موهوب تمارس سحرها الخاص، لكنها من نوع مختلف. وكما قال بازان، فإن «أكثر الرسومات أمانة يمكنها أن تعطينا معلومات عن الموديل، لكنها لن ... تمتلك أبدا قوة التصوير اللاعقلانية التي نؤمن بها بلا تحفظ.»
1
بعد مرور عقد على صدور مقال بازان - وبالاقتباس منه - فصل إدجار موران الدوافع النفسية العميقة التي ينجذب لها التصوير، وخصوصا التصوير السينمائي. في كتاب «السينما: أو الإنسان الخيالي» (1956)، وهو كتاب أطراه بازان بوصفه أفضل ما كتب عن الوسيط السينمائي بعد الحرب العالمية الثانية، ربط موران هذا الانجذاب بالأثر العجيب السحري «الذي يتضاعف» مثلما أثرت الظلال والانعكاسات دائما في البشر، بما أن الصور، خلافا للرسومات والمنحوتات، تأتي، على ما يبدو، مما وراء عالم الإنسان.
2
وإذ تنبثق الصور المتحركة من الكيمياء الضوئية، وعلم البصريات، والتقطيع الميكانيكي، فهي تنتمي من البداية إلى صنف مختلف تماما عن الفنون البصرية. من أجل التغلب على هذا الاختلاف كرست نظرية الفيلم الكلاسيكية معظم جهدها. كيف استطاعت السينما أن تسمو فوق عملية التسجيل الأوتوماتيكي؟ كيف أمكنها أن تصبح فنا معبرا عن الروح الإنسانية وعن الأفكار؟ بازان - كما رأينا - منظر حداثي وليس كلاسيكيا ؛ لأنه يقبل قيمة التسجيل المجرد، ويستمتع بتعبيرية العالم غير الإنساني الذي تسجله العملية التصويرية، وغموضه أيضا.
تحتوي المشاهد الخام بصورة كامنة على «لحظة سحرية» (يستخدم موران هذه التسمية القديمة لإحدى طرق التصوير كتعويذة) لا يمكن مضاهاتها بالعبقرية البشرية التي نتوقعها في الرسم والمسرح والنثر. ومع ذلك، فإن المشاهد الخام وجدت للمعالجة والتحضير والتنقية؛ لتتحول إلى المنتج الذي نسميه الأفلام. يذكر بازان في مناسبات مختلفة دهشته من لقطة معينة في فيلم وثائقي ما تعثر فيها كأنها صخرة في الطريق،
3
لكنه كان مهتما في معظم الأحيان بالأفلام، لا بالمشاهد الخام. ما عني به في المقام الأول هو كيف تتعامل الأفلام مع المشاهد الخام، وكيف تكسب الكاميرا أهمية لما التقطته من الواقع، وهذا ما سأسميه «بناء الفيلم». توضح الأفلام توترا بين ما هو بشري (مثل الخيال والنية) وبين الأجزاء العصية من الواقع المسجل؛ ويحدد نمط هذا التوتر أو طبيعته الأساليب والأنواع والفترات في تاريخ السينما. على سبيل المثال، يقول بازان إنه «بسبب نسيان السينما السوفييتية المفرط لهذا [التوتر]، انزلقت، خلال عشرين عاما، من القمة إلى القاع بين أعظم الأمم المنتجة للأفلام.»
4
صفحه نامشخص