ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة بالبرهان

محمود شکری آلوسی d. 1342 AH
49

ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة بالبرهان

ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة بالبرهان

پژوهشگر

زهير الشاويش

ناشر

المكتب الإسلامي

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٣٩١هـ- ١٩٧١م

محل انتشار

لبنان

فَيكون هَذَا الْحَاكِم من السماعين للكذب فَإِن الْآيَة تتَنَاوَل حكام السوء كَمَا يدل عَلَيْهِ السِّيَاق حَيْثُ تَقول ﴿سماعون للكذب أكالون للسحت﴾ من الرشا وَغَيرهَا وَمن أَكثر مَا يقْتَرن هَذَانِ! وَمِنْهُم من لَا يقبل قَوْله فِي المنجم لَا فِي الْبَاطِن وَلَا فِي الظَّاهِر لَكِن فِي قلبه حسيكة من ذَلِك وشبهة قَوِيَّة لِثِقَتِهِ بِهِ من جِهَة أَن الشَّرِيعَة لم تلْتَفت إِلَى ذَلِك لَا سِيمَا إِن كَانَ قد عرف شَيْئا من حِسَاب النيرين واجتماع القرصين ومفارقة أَحدهمَا الآخر بعدة دَرَجَات وَسبب الإهلال والإبدار والاستتار والكسوف والخسوف فَأجرى حكم الحاسب الْكَاذِب الْجَاهِل بِالرُّؤْيَةِ هَذَا المجرى. ثمَّ هَؤُلَاءِ يجيزون من الْحساب وَصُورَة الأفلاك وحركاتها أمرا صَحِيحا قد يعارضهم بعض الْجُهَّال من الْأُمِّيين المنتسبين إِلَى الْإِيمَان أَو إِلَى الْعلم أَيْضا فيراهم قد خالفوا الدّين فِي الْعَمَل بِالْحِسَابِ فِي الرُّؤْيَة أَو فِي اتِّبَاع أَحْكَام النُّجُوم فِي تأثيراتها المحمودة والمذمومة فيراهم لما تعاطوا هَذَا وَهُوَ من الْمُحرمَات فِي الدّين صَار كل مَا يَقُولُونَهُ من هَذَا الضَّرْب حَقًا وَلَا يُمَيّز بَين الْحق الَّذِي دلّ عَلَيْهِ السّمع وَالْعقل وَالْبَاطِل الْمُخَالف للسمع وَالْعقل مَعَ أَن هَذَا أحسن حَالا فِي الدّين من الْقسم الأول لِأَن هَذَا كذب بِشَيْء من الْحق متأولا جَاهِلا من غير تَبْدِيل لبَعض أصُول الْإِسْلَام وَالضَّرْب الأول قد يدْخلُونَ فِي تَبْدِيل الْإِسْلَام فَإنَّا نعلم بالاضطرار من دين الْإِسْلَام أَن الْعَمَل فِي رُؤْيَة هِلَال الصَّوْم أَو الْحَج أَو الْعدة أَو الْإِيلَاء أَو غير ذَلِك من الْأَحْكَام الْمُعَلقَة بالهلال بِخَبَر الحاسب أَنه يرى أَو لَا يرى لَا يجوز والنصوص المستفيضة عَن النَّبِي ﷺ بذلك كَثِيرَة وَقد أجمع الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ وَلَا يعرف فِيهِ خلاف قديم أصلا وَلَا خلاف حَدِيث إِلَّا أَن بعض الْمُتَأَخِّرين من المتفقهة الحادثين بعد المئة الثَّالِثَة زعم أَنه إِذا غم الْهلَال جَازَ للحاسب أَن يعْمل فِي حق نَفسه بِالْحِسَابِ فَإِن كَانَ الْحساب دلّ على الرُّؤْيَة صَامَ وَإِلَّا فَلَا

1 / 57