جاء الأمير في اليوم التالي دون أن ينبس ببنت شفة، وكذلك اليوم التالي والذي يليه. ثم غاب يومين كاملين، لكنه عاد بعدها جالبا معه مهندسا معماريا واثنين من كبار الحرفيين وبعضا من رجال حاشيته.
وقفوا جميعا في مجموعة صغيرة صامتين وناظرين، وسط عظمة إنجازهم الجليل. لم يبق كماله أثرا لما تحملوه من نصب وكأن رب جمال الطبيعة استأثر بثمرة مجهودهم لنفسه.
لم يفسد هذا التناغم الكامل إلا شيء واحد. كان ثمة قدر من عدم الانسجام يضفيه التابوت الحجري. لم يجر قط توسيع بنائه؛ وأنى يكون بالإمكان التوسع في بنائه وهو يعود إلى الأيام الأولى؟! بدا وكأنه يتحدى العين ويعترض الخطوط المنسابة. بداخل هذا التابوت استقر النعش المصنوع من الفضة والرصاص، وبداخل النعش ترقد الملكة؛ السبب الغالي الخالد وراء تشييد كل هذا الجمال. ولكن هذا التابوت الآن لم يعد يبدو إلا مستطيلا صغيرا معتما يرقد في تناقض صارخ مع المشهد العظيم ل «لؤلؤة الحب»؛ وكأن شخصا ألقى بحقيبة سفر صغيرة في بحر الجنة البلوري.
استغرق الأمير في التفكير طويلا، ولكن أحدا لم يعلم قط بما جال بخاطره.
وأخيرا تكلم؛ فأشار بيده قائلا: «أبعدوا هذا الشيء من هنا.»
صفحه نامشخص