راز عشتار
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
ژانرها
كما نقرأ للقديس أوغسطينوس: «كانت حواء الأولى أم الأموات فصارت حواء الجديدة أم الأحياء. خاطب ملاك الظلمة حواء الأولى ولكن مريم خاطبها ملاك النور. دعا ملاك الظلمة حواء إلى الثورة على الله، ولكن ملاك النور دعا مريم إلى طاعته. حواء الأولى قدمت لنا الثمرة المميتة، أما مريم حواء الجديدة فمنحتنا ثمرة أحشائها يسوع المسيح رب القيامة والحياة.»
84
وللقديس الشهيد يوستينوس نقرأ: «نحن ندرك أن المسيح صار إنسانا عن طريق عذراء حتى ينتهي التمرد الذي دفعت إليه الحية بالطريقة نفسها التي بدأ بها. والحقيقة أن حواء العذراء إذ حبلت بكلام الحية ولدت التمرد والموت، أما العذراء مريم فقد حملت إيمانا وفرحا، حين بشرها الملاك جبريل بأن روح الرب يحل عليها وقوة العلي تظللها، حتى إن المولود منها يكون ابن الله.»
85
ورغم أن السيدة مريم العذراء، تبدو في كل النصوص المسيحية أما بيضاء، فإن الخيال الشعبي الذي رفعها أما كبرى قد أعطاها وجها أسود، شأنها في ذلك شأن كل أم كبرى عبدها البشر. ففي أوروبا نعثر على كثير من تماثيل العذراء وقد صنعت من مادة سوداء، أو طليت باللون الأسود تماما، وتدعى هذه التماثيل بماري السوداء، وتلقى من التقدير ما لا تلقاه تماثيل ماري البيضاء، حيث يسود الاعتقاد بالقوة الغامضة لماري السوداء وقدرتها العجيبة على إتيان المعجزات. من أشهر هذه التماثيل التمثال الموجود في كنيسة نوتردام دي لاكورنس بأورليانز، والذي يحمله الناس في أوقات الشدائد والمصائب ويطوفون به الشوارع. والتمثال الموجود في كنيسة نوتردام دي مونسيرات الذي يصور العذراء وابنها وقد طليا باللون الأسود. هذا ويربو عدد مزارات ماري السوداء في أوروبا عن المائتي مزار.
86
تنسج تماثيل ماري السوداء على منوال تماثيل إيزيس السوداء وابنها حورس، والتي كانت معروفة في مصر وفي روما بعد انتقال عبادتها إلى هناك. ولربما نشأت مزارات ماري السوداء في الأصل حول مزارات أقدم منها كانت مخصصة لإيزيس.
87
عندما انهارت الديانات العشتارية وارتفع على أنقاضها آلهة الشمس الذكور، فاحتكروا وجه الألوهة الأبيض ورموا بوجهها الأسود للأبالسة والشياطين، تحللت صورة عشتار السوداء الجليلة، وتفتتت إلى صور مبعثرة مبتذلة يلوكها الخيال الشعبي، ويعجنها على طريقة الحكايا الفولكلورية. ففي الغرب هي الساحرة العجوز الشمطاء التي تركب عصا المقشة طائرة في الهواء. وفي بلادنا هي «النهالة» مصاصة الدماء، وهي «السماوية » خاطفة الأطفال، وهي «الغولة» آكلة البشر التي احتفظت بلقب «الأم» حيث يشير إليها الناس دوما على أنها أمنا الغولة.
التدمير الذاتي
صفحه نامشخص