راز عشتار
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
ژانرها
هذا ورغم التركيب المدني والاقتصادي لرابط الزوجية في الثقافة البطريركية، فإن هذا الرابط قد حافظ على قدسيته الدينية عبر التاريخ ولدى جميع الشعوب، وبقي الزواج أمرا دينيا يعقد لإرضاء الآلهة وتحت رعاية رجال الدين، ولم تستطع حتى الآن سوى ثقافات قليلة التخلص من الزواج الديني والتحول إلى الزواج المدني البحت. ولعل الدين الإسلامي من أكثر الديانات العالمية الكبرى القائمة اليوم اهتماما بتنظيم الأمور الجنسية للإنسان تحت مظلة الزواج، وإضفاء الطابع الديني عليها. وفي حديث صحيح عن النبي
صلى الله عليه وسلم
نقرأ: «عن أبي ذر رضي الله عنه: أن أناسا قالوا: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور
16
بالأجور؛ يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم. قال: أوليس قد جعل الله لكم ما تتصدقون به؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع
17
أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر.»
18
طقوس الجنس الجماعي:
كانت هذه الطقوس تتم بصورة خاصة في أعياد الربيع عندما كان الناس يحتفلون بصعود روح الخصوبة الغائبة في عالم الأموات، وعودة عشتار، أو ابنها، إلى الحياة حاملة معها كل نتاج الأرض من باطن التربة، فكانت الممارسات الجنسية في هذه الأعياد مدادا للقوة الإخصابية النائمة التي بدأت تستعيد نشاطها، ودفعا لها لتعود سيرتها الأولى. وقد ارتبط هذا النوع من الممارسات الجنسية بعبادة الأم الكبرى وابنها في جميع أنحاء آسيا الغربية وقبرص وكريت، وانتقل إلى العالم اليوناني الروماني حيث ارتبطت طقوس سيبيل وديمتر وديونيسيوس بالبغاء الجماعي، سواء في الأعياد العشتارية السنوية أو في الاحتفالات الطقوسية السرية. ولعل العبادة الديونيسية كانت أكثر عبادات العالم القديم تركيزا على الطقس الجنسي باعتباره وسيلة اتصال بالقوى الإلهية؛ فبالخمرة والممارسة الجنسية يتوصل التصوف الديونيسي إلى الاتحاد بديونيسيوس، روح الخصوبة الكونية المنبثة في العالم ومخلوقاته. «إن انطلاق الديونيسية من المادي والحسي إلى المستويات الروحانية العليا قد لاءم الطبيعة الأنثوية، فكانت النساء في العالم اليوناني الروماني عماد هذه العبادة، وسندا لها حتى النهاية، وكان ديونيسيوس بحق سيد النساء، لهن يدين بانتصار عبادته المؤزر على الديانة الأبولونية الأوليمبية.»
صفحه نامشخص