قال الجوهري صاحب الصحاح: النسب واحد الأنساب، والنسبة مثله. وانتسب إلى أبيه، أي: اعتزى وتنسب، أي: ادعى أنه نسيبك. وفي الأمثال القريب من تقرب لا من تنسب ورجل نسابة، أي: عالم بالأنساب، والهاء للمبالغة في المدح، كأنهم يريدون به داهية أو غاية أو نهاية. وفلان يناسب فلانًا إذا ذكر نسبه.
وقال بعض النحاة المتقدمين: النسبة إلحاق الفروع دونها بالأصول بياء، وينسب الرجل إلى إنسان آخر أشهر منه للتعريف، فينسب إلى هاشم فيقال: هاشمي.
ومن حكم النسب أن يصير الاسم به صفة، ومعنى هذا أن هاشمًا اسم علم، فإذا قلت هاشميًا صار صفة. وضرب يحمله على غيره في التثنية والجمع والتأنيث والتذكير، فتقول: امرأة هاشمية، ورجلان هاشميان.
وينسب الرجل أيضًا إلى بقعة من البقاع، كما تقول في النسبة إلى البصرة: بصري وإلى الكوفة كوفي. وللنحاة في ذلك كلام لا نحتاج إليه هاهنا.
والمعدود محسوب وحسب أيضًا، وهو فعل بمعنى مفعول، مثل نقص بمعنى منقوص، والحسب القدر، يقال: علمك بحسب ذاك، أي على قدره.
قال الكسائي: ما أدري ما حسب حديثك. أي: ما قدره.
قال الجوهري: يقال حسب الرجل دينه ويقال ماله. قال ابن السكيت: الحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء لهم شرف. أما الشرف والمجد، فلا يكون إلا بالآباء.
فلا يقال لمن لم يكن أباه شرفًا: شريف. ولا ماجد ولا يقال له شرف ومجد، فالشرف والمجد متعلقان بالنسب، والحسب والكرم يتعلقان بذات الرجل.
هذا هو الفرق الظاهر بين الحسب والنسب والسلام.
فصل
القرابة التي كانت بين قريش وتميم
إن أم النضر زينب بنت ... زوجة كنانة أخوال قريش. وإلى هذه القرابة أشار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁ في كتاب نهج البلاغة.
فقيل لأولاد النضر بن كنانة بن مدركة بن الياس: قريش. فبنو قصي من قريش، وزهرة أخو قصي، وهو زهرة بن كلاب، وبنو زهرة من قريش أيضًا، وبنو تميم بن مرة ابن عم قصي بن كلاب بن مرة من قريش، وبنو عدي بن كعب، وهو ابن عم والد قصي من قريش.
والنسب: هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن النضر بن كنانة بن مدركة بن الياس.
فبنو كنانة هم من قريش. وبنو مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب أيضًا من قريش. فقريش: بنو عبد مناف، وبنو عبد الدار، وبنو زهرة، وبنو تميم، وبنو عدي، وبنو مخزوم. وكل من ينتمي إلى النضر بن كنانة، فهو من قريش.
وبالإسناد المتقدم المذكور في تفسير الثعلبي عن النبي ﵌ أنه قال: نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا، ولا ننتمي إلا إلى أبينا عنى صلى الله عليه وآله: لا ننتمي إلى بني تميم، وننتمي إلى النضر بن كنانة.
وبهذا الإسناد عن واثلة بن الأسقع، وهو آخر من مات من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله، ومات سنة ست ومائة من الهجرة، وانقرض بموت واثلة بن الأسقع عصر الصحابة.
وروى واثلة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الله اصطفى بني كنانة من بني إسماعيل، واصطفى من بني كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم.
وقيل: سمي قريش من التقرش وهو التكسب والتقلب والجمع والطلب.
وسئل عبد الله بن عباس عن معنى قريش؟ فقال: قريش دابة في البحر تأكل ولا تؤكل، وتعلو ولا يعل، واستشهد بقول الشاعر:
وقريش هي التي تسكن البحر ... بها سميت قريش قريشًا
وقيل: اشتقاق من قول العرب تقرشوا، أي: اجتمعوا؛ لأنهم اجتمعوا وكانوا كيدٍ واحدة على من سواهم. وقيل: مأخوذ من قولهم تقارشت الرماح الرماح أي: تداخله في الحرب، وهم قد تداخلوا في الحرب. وربما قالوا: قريشي. وقال ... بكل قريش عليه مهابة، فإن أردت بقريش الحي صرفته، وإن أردت به القبيلة لم تصرفه، وقال الشاعر في ترك الصرف:
وكفى قريش المعضلات وسادها
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الأئمة من قريش.
وقال ﵇: حب العرب من الإيمان، وحب قريش من الإيمان.
وقوم من العرب يقول في النسبة إلى ثقيف وقريش وربيع: ثقفي وقرشي وربيعي. وقوم يقولون: ثقيفي وقريشي وربيعي.
فصل
قول النبي أنا ابن العواتك
معنى قوله صلى الله عليه وآله أنا ابن العواتك أنا ابن الفواطم كلهن طاهرات سيدات
1 / 4