الْفَصْل الثَّالِث فِي الشَّهَادَات
يفترض على الشَّاهِد أَدَاء الشَّهَادَة عِنْد الْحَاكِم إِذا طلب مِنْهُ الْمُدَّعِي الْأَدَاء وَلَا يَسعهُ كتمانها لقَوْله تَعَالَى ﴿وَلَا تكتموا الشَّهَادَة وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه﴾ وَهُوَ صَرِيح فِي ذَلِك
وَفِي الْمُحِيط رجل طلب مِنْهُ أَن يكْتب شَهَادَته أَو يشْهد على عقد هَل لَهُ أَن يمْتَنع ينظر إِن كَانَ الطَّالِب يجد غَيره فللشاهد هَذَا أَن يمْتَنع وَإِلَّا فَلَا يَسعهُ ذَلِك
وَفِي نَوَادِر هِشَام عَن مُحَمَّد رجل لَهُ شُهُود كَثِيرَة فَدَعَا بَعضهم ليقيم الشَّهَادَة وَهُوَ يجد غَيره مِمَّن تقبل شَهَادَته وَلَكِن هَذَا الشَّاهِد مِمَّن تقبل شَهَادَته أسْرع لَا يَسعهُ الِامْتِنَاع عَن الْأَدَاء لما قُلْنَا
وَفِي الْمُجْتَبى فِي تَفْسِير الفضلى وَتحمل الشَّهَادَة فرض على الْكِفَايَة وَإِلَّا لضاعت الْحُقُوق وَبَطلَت المواثيق وعَلى هَذَا الْكَاتِب إِذا ندب لذَلِك إِلَّا أَنه يجوز لِلْكَاتِبِ أَخذ الْأُجْرَة دون الشَّاهِد
وَفِي النّصاب الْإِشْهَاد فِي الْمُبَايعَة والمداينة فرض على الْعباد لِأَنَّهُ يتْلف المَال لولاه إِلَّا إِذا كَانَ قَلِيلا أَو تلفهَا لَا يخَاف عَلَيْهِ نَحْو دِرْهَم لحقارته
وَذكر فِي الذَّخِيرَة سُئِلَ نصر عَن الشَّاهِد إِذا دعِي إِلَى أَدَاء الشَّهَادَة وَهُوَ فِي الرستاق إِن كَانَ بِحَال لَو حضر إِلَى مجْلِس الحكم وَشهد يُمكنهُ الرُّجُوع إِلَى أَهله فِي يَوْمه يجب عَلَيْهِ الْحُضُور لِأَنَّهُ لَا ضَرَر عَلَيْهِ فِي الْحُضُور وَإِن كَانَ لَا يُمكنهُ الرُّجُوع إِلَى أَهله فِي يَوْمه لَا يجب عَلَيْهِ الْحُضُور وَإِن كَانَ الشَّاهِد شَيخا كَبِيرا لَا يقدر على الْمَشْي بالأقدام وَلَيْسَ عِنْده مَا يركبه يُكَلف الْمَشْهُود لَهُ بِدَابَّة يركبهَا ويحضر مَعَه مجْلِس الحكم فَلَا بَأْس بِهِ قَالَ وَهَذَا من إكرام الشُّهُود
وَعَن أبي سُلَيْمَان الْجِرْجَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى رجل أخرج شُهُودًا إِلَى ضَيْعَة قد اشْتَرَاهَا واستأجر دَوَاب لَهُم فَرَكبُوا وذهبوا لم تقبل شَهَادَتهم وَفِيه نظر لِأَن الْعَادة جرت أَن من أخرج شَاهدا إِلَى الرستاق يُعْطِيهِ دَابَّة خُصُوصا إِذا لم يكن للشَّاهِد دَابَّة
وَفِي شرح شيخ الاسلام رَحمَه الله تَعَالَى إِن فِي حُقُوق الْعباد إِذا طلب الْمُدَّعِي الشَّاهِد ليشهد لَهُ فَتَأَخر من غير عذر ظَاهر ثمَّ ادى لَا تقبل شَهَادَته وَكَذَلِكَ إِذا طلب أجرا على الْأَدَاء لَا تقبل كَذَا فِي المنبع
وَفِي البزازي شَهدا على امْرَأَة لَا يعرفانها فَإِنَّهَا لَا تجوز حَتَّى تشهد جمَاعَة أَنَّهَا فُلَانَة وَعند أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يجوز إِذا شهد عَدْلَانِ أَنَّهَا فُلَانَة وَلَا يشْتَرط رُؤْيَة وَجههَا وَشَرطهَا فِي الْجَامِع الصَّغِير حَتَّى تشهد على مَعْلُوم لِأَن الشَّهَادَة على الْمَجْهُول بَاطِلَة وَقَالَ الإِمَام خُوَاهَر زَاده ﵀ على أَنه لَا يشْتَرط رُؤْيَة شخصها أَيْضا وَغَيره على أَنه يشْتَرط رُؤْيَة شخصها وَفِي الْمُنْتَقى تحمل الشَّهَادَة على امْرَأَة ثمَّ مَاتَت فَشهد عِنْده عَدْلَانِ على أَنَّهَا فُلَانَة لَهُ أَن يشْهد عَلَيْهَا
وَذكر الْخصاف رَحمَه الله تَعَالَى رجل فِي بَيت وَحده دخل عَلَيْهِ رجل وَرَآهُ ثمَّ خرج وَجلسَ على الْبَاب وَلَيْسَ للبيت مَسْلَك غَيره فَسمع إِقْرَاره من الْبَاب بِلَا رُؤْيَة وَجهه حل لَهُ أَن يشْهد بِمَا أقرّ
1 / 240