البحث اللغوي عند العرب
البحث اللغوي عند العرب
ناشر
عالم الكتب
شماره نسخه
الثامنة ٢٠٠٣
ژانرها
المقدمة:
يتناول هذا الكتاب بالتأريخ الدراسات اللغوية عند العرب، منذ نشأتها المبكرة إلى أن وصلت إلى مرحلة النضج والكمال، ولا يتجاوز ذلك القرن الخامس الهجري بأي حال من الأحوال، ففي هذا القرن اكتملت الاتجاهات المعجمية، وفي القرن الذي قبله وصل الدرس النحوي والصرفي والأصواتي إلى قمته. ولم يعد ما تلا ذلك من الدراسات أن يكون ترديدًا أو شرحًا أو تلخيصًا أو نظمًا لأعمال سابقة.
ولم أتجاوز القرن الخامس إلا في حالة واحدة، هي أن أبدأ بالحديث عن اتجاه ما، ثم لا أجده ينتهي بانتهاء هذا القرن، فلم يكن هناك بد من السير بالاتجاه إلى نهايته. وقد حدث هذا -مثلًا- حين تتبعي للمدارس المعجمية، وحدث كذلك حين الكلام عن دعوات التجديد والإصلاح للنحو العربي.
ولما كان الحكم على العقلية العربية، وتقييم ما قدمته في ميدان الدراسات اللغوية من أبحاث ونظريات لا يكتمل إلا بمعرفة جهود السابقين والمعاصرين في نفس الميدان، رأيت أن أخصص فصلًا في الباب الأول لعلاج هذا الموضوع واخترت له عنوان "الدراسات اللغوية عند غير العرب".
وتسلم هذه الدراسة للأعمال اللغوية الأجنبية - إلى جانب الأعمال اللغوية العربية- إلى تساؤل يتعلق بمدى الصلة بين الجهدين، ومقدار ما قدمه كل طرف للآخر أو أخذه عنه. وقد أفردت لعلاج هذا الموضوع بابًا خاصًّا هو الباب الثالث الذي عالج قضية التأثير من جانبيها ولكن في إيجاز وتركيز.
ولست أزعم أن كل ما جاء في هذا الكتاب جديد، فبعضه -وهو قليل- لا جديد فيه على الإطلاق، ومعصه بعضه قديم وضع في ثوب جديد، وبعضه -وهو كثير- جديد بالنسبة للقارئ العربي.
1 / 11
وأرجو أن يغني هذا الكتاب طلاب الدراسات العليا في جامعاتنا العربية عن الرجوع إلى المظان المختلفة وبعضها نادر الوجود وبعضها الآخر مصور أو مخطوط. كما أرجو أن يكون نافذة تفتح عيونهم على كثير من القضايا التي ما تزال معلقة حتى الآن، أو ما تزال في حاجة إلى تحليل وتمحيص.
وأحمد الله أن لاقى هذا الكتاب رواجًا كبيرًا لم أكن أتوقعه حتى صدرت له خمس طبعات في خمس عشرة سنة، وقد اقتضاني هذا إعادة النظر فيه عند كل مرة أدفعه إلى المطبعة. وكنت في كل مرة أتجنب ما قد أجده من هفوات أو مواطن وأزيد ما بدا لي ضروريًّا.
وتختلف هذه الطبعة عن الطبعات السابقة اختلافًا ملموسًا وتتميز بما يأتي:
١- تحرير القول في موقف اللغويين والنحاة من القراءات القرآنية.
٢- تدقيق النظر في موقف اللغويين من الحديث النبوي الشريف.
٣- إعطاء آراء ابن سيناء الصوتية اهتمامًا خاصًّا بعد أن نُشر كتابه "أسباب حدوث الحروف" نشرة علمية محققة.
٤- توسيع الفصل الخاص بالمعاجم ليلبي حاجات الطلاب والدارسين، وبخاصة بعد أن أصبح علم المعاجم مقررًا مستقلًّا في كثير من الجامعات العربية، وبعد أن تطورت صناعة المعجم على المستوى العالمي.
وقد أضفت في هذا الفصل عناوين كثيرة مثل:
المعجم اللغوي والموسوعة - الخطوات الإجرائية لإعداد المعجم- مجمل اللغة لابن فارس- دراسة تحليلية لكتاب ابن بري "التنبيه والإيضاح" - التكملة والذيل والصلة للزبيدي -حاضر المعجم العربي-
1 / 12
وضع منهجية جديدة للمعجم العربي وجهود أحمد فارس الشدياق - معجم المساعد للكرملي.
كما أضفت بعض الأمثلة التطبيقية على معاجم الترتيب الصوتي والجمهرة والمقاييس نظرًا لصعوبة الكشف فيها، وحاجة مستعملها إلى تدريب خاص.
وهناك إضافات أخرى وتعديلات موزعة في ثنايا الكتاب يصعب حصرها.
والله الموفق.
سبتمبر ١٩٨٧ المؤلف
1 / 13
محتويات الكتاب:
الصفحة المقدمة
٥١- ٧٥ الباب الأول - دراسات تمهيدية
١٧ فصل الأول: مصادر اللغويين العرب
القرآن الكريم ١٧ - القراءات القرآنية ١٩- الحديث النبوي ٣٤ - الشعر ٤٢ - الشواهد النثرية ٥٠ - مآخذ ٥٤.
٥٧ الفصل الثاني: الدراسات اللغوية عند غير العرب
تمهيد ٥٧ - الهنود ٥٧ - اليونانيون ٦١- المصريون القدماء ٦٣ - السريان ٦٥ - العبرانيون ٦٧- الصيونيون ٧٤.
٧٦- ٣٣٧ الباب الثاني - الدراسات اللغوية عند العرب
الفصل الأول: مرحلة النشأة ٧٩
تأخر البحث اللغوي ٧٩ - غريب ابن عباس ٧٩ - محاولة أبي الأسود لضبط المصحف ٧٩ - علامة التشديد عند أهل المدينة ٨٠ - البدء بجمع المادة ٨٠ - تأخر البحث النحوي عن جمع المادة اللغوية ٨١ - النحو كفن نشأ قبله كعلم ٨٢ - أول من ألفوا في النحو ٨٣ - سبب وضع النحو ٨٦ - أمثلة لأوليات اللحن ٨٦ - الإقواء ٨٨ - عيسى بن عمر ٨٩ - أبو عمرو بن العلاء ٩٠ - عبد الله بن أبي إسحاق ٩٠.
٩٣ الفصل الثاني: الأصوات
عرض تاريخي ٩٣ - جهود النحاة ٩٣ - جهود المعجميين ٩٢ - علماء التجويد ٩٥ - المؤلفون في إعجاز العرب وعلوم البلاغة.... .... أصحاب
1 / 5
الموسوعات الأدبية ٩٨ - ابن جنى ١٠٠ - ابن سينا ١٠١ - بعض النتائج الصوتية التي توصل إليها العرب ١١٤ - تعقيب ١١٩.
١٢٣ الفصل الثالث: النحو والصرف..... ..... ....
عرض تاريخي ١٢٣ - سيبويه ١٢٣- الرد على سيبويه للمبرد ١٢٤- الانتصار لسيبويه من المبرد لابن ولاد ١٢٥ - أبو جعفر الرؤاسي ومعاذ الهراء ١٢٦ - التنافس بين البصريين والكوفيين ١٢٦ - هل وجدت مدارس نحوية عند العرب ١٢٨ - أهم الفروق بين مدرستي البصرة والكوفة ١٣٦ - ملاحظات ١٣٨ - دعوات التجديد والإصلاح للنحو العربي ١٤٦ - أسباب الشكوى من النحو ١٤٦- الشعوبيون والهجوم على النحو ١٥٢ الكتب الميسرة ١٥٤ - مقترحات إصلاح النحو: ابن ولاد ١٥٦ - أبو العلاء المعري ١٥٧ - ابن حزم ١٥٨- ابن مضاء ١٥٩- قيمة الدراسات النحوية عند العرب ١٥٩.
١٦١ الفصل الرابع: المعجم........ .... ......... ........
١٦١ ١- مقدمات للموضوع.... .... .... .... .... .......
صعوبة العمل المعجمي ١٦١ - تعريف المعجم ١٦٢- المعجم اللغوي والموسوعة ١٦٢ - أنواع المعاجم ١٦٣ - معنى كلمة معجم واشتقاقها ١٦٣- جمعها ١٦٤- شروط المعجم ١٦٥ - وظيفة المعجم ١٦٥ - الخطوات الإجرائية لإعداد المعجم ١٦٧- أول من استخدم لفظ معجم ١٧٣ - معجم وقاموس ١٧٣.
1 / 6
للصاغاني ٢٥٣- لسان العرب لابن منظور ٢٥٥ - القاموس المحيط للفيروزآبادي ٢٥٧ - نظامه ٢٥٧ - بين الفيروزآبادي والجوهري ٢٥٩ - إضاءة الراموس لابن الطيب الفاسي ٢٦٤ - تاج العروس للزبيدي ٢٦٦- التكملة للزبيدي ٢٦٨ - مدرسة الترتيب بحسب الأبنية: مدخل ٢٦٩ - مرحلة التمهيد ٢٧٠ - مرحلة المعجم الكامل: ديوان الأدب للفارابي ٢٧٣- المقدمة ٢٧٤ - المادة اللغوية ٢٧٥ - التذييلات ٢٧٨- فائدة هذا النوع من المعاجم ٢٧٩ - تقدير القدماء لديوان الأدب ٢٨٠ - عيوبه ٢٨١ - شمس العلوم لنشوان ٢٨٢ - نظامه ٢٨٣- بين ديوان الأدب وشمس العلوم ٢٨٤- مقدمة الأدب للزمخشري ٢٨٦.
القسم الثاني: معاجم المعاني: الكتيبات والرسائل اللغوية ٢٨٨ - كتب الصفات والغريب المصنف ٢٨٨- المخصص لابن سيده ٢٨٩ - كفاية المتحفظ لابن الأجدابي ٢٩١- المؤلفات على كفاية المتحفظ ٢٩٣.
٢٩٥ ٣ المآخذ على المعاجم العربية.... ...... .......... .........
إهمال الترتيب الداخلي ٢٩٥ - الخروج على المنهج المرسوم ٢٩٦ - أخطاء الشرح ٢٩٦ - الشرح المعيب ٢٩٨ - إهمال ضبط الكلمة ٢٩٨ - التقليد الأعمى ٢٩٨ - تقييد فترة التسجيل ٣٠٠ - تجاوز وظيفة المعجم ٣٠٠ - جمود المعجم العربي في العصر الحديث ٣٠١.
1 / 8
٣٠٤ ٤- أهم المحاولات لوضع معجم حديث
محاولات الأفراد. وضع منهجية جديدة وجهود أحمد فارس الشدياق ٣٠٤ - تأليف المعاجم الميسرة: محيط المحيط ٣١٠- قطر المحيط ٣١٠ - أقرب الموارد ٣١٠ - المنجد ٣١٠ - البستان و"فاكهة البستان" ٣١١- متن اللغة ٣١١ -الرائد ٣١١- المساعد ٣١١ - إعادة ترتيب المعاجم القديمة:
ترتيب القاموس المحيط ٣١٣ - مختار القاموس ٣١٣ - المختار من صحاح اللغة ٣١٤ - الإفصاح في فقه اللغة ٣١٤ - معاجم المستشرقين: محاولة فيشر ٣١٦ - معجم لين ٣١٩ - معجم دوزي ٣٢١.
محاولات المجامع اللغوية: مجمع اللغة العربية بالقاهرة: ٣٢٢ - المعجم الوسيط ٣٢٣ - المعجم الكبير ٣٢٤ - معجم ألفاظ القرآن الكريم ٣٢٥- مصطلحات العلوم والفنون ٣٢٥- المعجم الوجيز ٣٢٥ - المكتب الدائم لتنسيق التعريب ٣٢٦ - المجمع العلمي العربي بدمشق ٣٢٨.
٣٢٩ ٥ قائمة بكلمات يصعب معرفة أصلها
٣٣٣ الفصل الخامس: الدراسة المقارنة
الزعم أن الدراسة المقارنة لم توجد إلا في العصر الحديث ٣٣٣ - قدم الدراسة المقارنة عند العرب ٣٣٣- ابن بارون ٣٣٣- حودة بن قريش٣٣٦.
٣٣٩- ٣٦٥ الباب الثالث - قضية التأثير والتأثر
تمهيد ٣٤١.
1 / 9
٣٤٣ الفصل الأول: احتمالات التأثير الأجنبي. ... .... ...... ........
الهنود ٣٤٣ - اليونان ٣٥٠ - السريان ٣٥٢- العبرانيون ٣٥٥.
٣٥٧ الفصل الثاني: احتمالات التأثير العربي ... ... ....
النحو السرياني ٣٥٧- النحو القبطي ٣٥٨ - النحو العربي ٣٥٨- المعجم: الهنود ٣٥٩ - الترك ٣٥٩ - ديوان لغات الترك للكاشغري ٣٦٠ - قاموس الأروام لملا صالح ٣٦٣ - الفرس ٣٦٣- استعارة الحروف العربية ٣٦٤- العروض العربي ٣٦٤.
٣٦٧-٣٨٢ مراجع الكتاب:.... ......... ......... ............. ..........
٣٦٩ ١- المراجع العربية. .... ....... ....... ....... ......
٣٨١ ٢ المراجع الأجنبية ... ..... ...... ....... ........ ...
٣٨٣ كتب أخرى للمؤلف.... .... ........ ..... ....... ...
1 / 10
المقدمة:
يتناول هذا الكتاب بالتأريخ الدراسات اللغوية عند العرب، منذ نشأتها المبكرة إلى أن وصلت إلى مرحلة النضج والكمال، ولا يتجاوز ذلك القرن الخامس الهجري بأي حال من الأحوال، ففي هذا القرن اكتملت الاتجاهات المعجمية، وفي القرن الذي قبله وصل الدرس النحوي والصرفي والأصواتي إلى قمته. ولم يعد ما تلا ذلك من الدراسات أن يكون ترديدًا أو شرحًا أو تلخيصًا أو نظمًا لأعمال سابقة.
ولم أتجاوز القرن الخامس إلا في حالة واحدة، هي أن أبدأ بالحديث عن اتجاه ما، ثم لا أجده ينتهي بانتهاء هذا القرن، فلم يكن هناك بد من السير بالاتجاه إلى نهايته. وقد حدث هذا -مثلًا- حين تتبعي للمدارس المعجمية، وحدث كذلك حين الكلام عن دعوات التجديد والإصلاح للنحو العربي.
ولما كان الحكم على العقلية العربية، وتقييم ما قدمته في ميدان الدراسات اللغوية من أبحاث ونظريات لا يكتمل إلا بمعرفة جهود السابقين والمعاصرين في نفس الميدان، رأيت أن أخصص فصلًا في الباب الأول لعلاج هذا الموضوع واخترت له عنوان "الدراسات اللغوية عند غير العرب".
وتسلم هذه الدراسة للأعمال اللغوية الأجنبية - إلى جانب الأعمال اللغوية العربية- إلى تساؤل يتعلق بمدى الصلة بين الجهدين، ومقدار ما قدمه كل طرف للآخر أو أخذه عنه. وقد أفردت لعلاج هذا الموضوع بابًا خاصًّا هو الباب الثالث الذي عالج قضية التأثير من جانبيها ولكن في إيجاز وتركيز.
ولست أزعم أن كل ما جاء في هذا الكتاب جديد، فبعضه -وهو قليل- لا جديد فيه على الإطلاق، ومعصه بعضه قديم وضع في ثوب جديد، وبعضه -وهو كثير- جديد بالنسبة للقارئ العربي.
1 / 11
وأرجو أن يغني هذا الكتاب طلاب الدراسات العليا في جامعاتنا العربية عن الرجوع إلى المظان المختلفة وبعضها نادر الوجود وبعضها الآخر مصور أو مخطوط. كما أرجو أن يكون نافذة تفتح عيونهم على كثير من القضايا التي ما تزال معلقة حتى الآن، أو ما تزال في حاجة إلى تحليل وتمحيص.
وأحمد الله أن لاقى هذا الكتاب رواجًا كبيرًا لم أكن أتوقعه حتى صدرت له خمس طبعات في خمس عشرة سنة، وقد اقتضاني هذا إعادة النظر فيه عند كل مرة أدفعه إلى المطبعة. وكنت في كل مرة أتجنب ما قد أجده من هفوات أو مواطن وأزيد ما بدا لي ضروريًّا.
وتختلف هذه الطبعة عن الطبعات السابقة اختلافًا ملموسًا وتتميز بما يأتي:
١- تحرير القول في موقف اللغويين والنحاة من القراءات القرآنية.
٢- تدقيق النظر في موقف اللغويين من الحديث النبوي الشريف.
٣- إعطاء آراء ابن سيناء الصوتية اهتمامًا خاصًّا بعد أن نُشر كتابه "أسباب حدوث الحروف" نشرة علمية محققة.
٤- توسيع الفصل الخاص بالمعاجم ليلبي حاجات الطلاب والدارسين، وبخاصة بعد أن أصبح علم المعاجم مقررًا مستقلًّا في كثير من الجامعات العربية، وبعد أن تطورت صناعة المعجم على المستوى العالمي.
وقد أضفت في هذا الفصل عناوين كثيرة مثل:
المعجم اللغوي والموسوعة - الخطوات الإجرائية لإعداد المعجم- مجمل اللغة لابن فارس- دراسة تحليلية لكتاب ابن بري "التنبيه والإيضاح" - التكملة والذيل والصلة للزبيدي- حاضر المعجم العربي-
1 / 12
وضع منهجية جديدة للمعجم العربي وجهود أحمد فارس الشدياق - معجم المساعد للكرملي.
كما أضفت بعض الأمثلة التطبيقية على معاجم الترتيب الصوتي والجمهرة والمقاييس نظرًا لصعوبة الكشف فيها، وحاجة مستعملها إلى تدريب خاص.
وهناك إضافات أخرى وتعديلات موزعة في ثنايا الكتاب يصعب حصرها.
والله الموفق.
سبتمبر ١٩٨٧ المؤلف
1 / 13
الباب الأول: دراسات تمهيدية
الفصل الأول: مصادر اللغويين العرب
القرآن الكريم
...
الباب الأول: دراسات تمهيدية
الفصل الأول: مصادر اللغويين العرب
من الممكن حصر المصادر التي استقى منها اللغويون العرب مادتهم فيما يأتي:
١- القرآن الكريم.
٢- القراءات القرآنية.
٣- الحديث النبوي.
٤- الشعر.
٥- الشواهد النثرية.
وإن وجد بينهم خلاف حول بعضها. وإليكم بيان ذلك:
١- القرآن الكريم:
وقد اعتبروه في أعلى درجات الفصاحة، وخير ممثل للغة الأدبية المشتركة، ولذا وقفوا منه موقفًا موحدًا فاستشهدوا به، وقبلوا كل ما جاء فيه، ولا يعرف أحد من اللغويين قد تعرض لشيء مما أثبت في المصحف بالنقد والتخطئة١. ويقول الراغب الأصفهاني في كتابه "المفردات" مبينًا قيمة اللفظ القرآني: "ألفاظ القرآن الكريم هي لب كلام العرب
_________
١ بل كانوا يدافعون عن النص القرآني ضد ما يوجه إليه من شبهات كما فعل ابن هشام في "شذور الذهب" حين نقل ما يروى عن عثمان أنه قال: "إن في المصحف لحنًا وستقيمه العرب بألسنتها". وما يروى عن عائشة أنها قالت: "هذا خطأ من الكاتب" "في قوله تعالى: "والمقيمين" و"الصابئون" و"إن هذان" فقد ذكر أن الخبر باطل لوجوه منها:
أ- أن الصحابة كانوا يتسارعون إلى إنكار أدنى المنكرات فكيف يقرون اللحن في القرآن؟.
ب- أن العرب كانت تستقبح اللحن فكيف لا تستقبحه في القرآن؟
ج- أن المصحف يطلع عليه العربي وغيره.
د - أن زيد بن ثابت أراد أن يكتب "التابوه" بالهاء فأمره عثمان أن يكتبها بالتاء على لغة قريش.
هـ- أن عمر بلغه قراءة ابن مسعود "عتى" فأمره أن يدعها ويقرئ الناس بلغة قريش فإن الله إنما أنزله بلغتهم، "شرح شذور الذهب بحاشية الأمير، ص ١٨".
1 / 17
وزبدته، وواسطته، وكرائمه، وعليها اعتماد الفقهاء والحكماء ... وإليها مفزع حذاق الشعراء والبلغاء ... وما عداها ... كالقشور والنوى بالاضافة إلى أطايب الثمرة".
والمراد بالقرآن النص القرآني المدون في المصحف، وهو غير القراءات، يقول الزركشي في "البرهان": "القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان. فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد ﷺ للبيان والإعجاز.
والقراءات هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في كتابة الحروف أو كيفيتها من تخفيف وتثقيل وغيرهما ... "١. ويقول الآمدي في "الإحكام": "أما حقيقة الكتاب فقد قيل فيه: هو ما نقل إلينا بين دفتي المصحف بالأحرف السبعة المشهورة نقلًا متواترًا"٢.
ومن الحقائق المسلمة أن القرآن نزل أولًا بلسان قريش ومن جاورهم من العرب الفصحاء، ثم أبيح للعرب أن يقرأوه بلغتهم. ولم يكلف أحد منهم الانتقال عن لغته إلى لغة أخرى للمشقة٣، وكانت الإباحة بعد أن كثر دخول العرب في الإسلام وذلك بعد الهجرة٤. فلما جاء عثمان وأراد جمع القرآن في المصاحف ونسخها "اقتصر من سائر اللغات على لغة قريش"٥، ولذلك "جعل مع زيد النفر القرشيين لئلا يكون شيء من القرآن مرسومًا على غير لغتهم"٦. وقال عثمان للقرشيين.
"إن اختلفتم في شيء أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه على لسان قريش فإنما نزل بلسان قريش"٧.
_________
١ البرهان ١/ ٣١٨.
٢ الأحكام ١/ ٢٢٨.
٣ القراءات واللهجات، ص ٨.
٤ النووي على مسلم ٦/ ١٠٣.
٥ الإتقان ١/ ٦٣.
٦ المقنع ص ١٠٩.
٧ المرجع ص ٥.
1 / 18
٢- القراءات القرآنية:
وهي الوجوه المختلفة التي سمح النبي بقراءة نص المصحف بها قصدًا للتيسير، والتي جاءت وفقًا للهجة من اللهجات العربية. يقول ابن الجزري في كتابه "النشر"١: "فأما سبب وروده على سبعة أحرف فللتخفيف على هذه الأمة وإرادة اليسر بها، والتهوين عليها، وتوسعة ورحمة وخصوصية لفضلها، وإجابة لقصد نبيها ... حيث أتاه جبريل فقال له: "إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف، فقال ﷺ: "أسأل الله معافاته ومعونته إن أمتي لا تطيق ذلك، ولم يزل يردد المسألة حتى بلغ سبعة أحرف".
ويقول: "إن النبي ﷺ بعث إلى جميع الخلق أحمرها وأسودها عربيها وعجميها، وكانت العرب الذين نزل القرآن بلغتهم لغاتهم مختلفة، وألسنتهم شتى، ويعسر على أحدهم الانتقال من لغته إلى غيرها أو من حرف إلى آخر، بل قد يكون بعضهم لا يقدر على ذلك ولا بالتعليم والعلاج لا سيما الشيخ والمرأة، ومن لم يقرأ كتابًا ... فلو كلفوا العدول عن لغتهم والانتقال عن ألسنتهم لكان من التكليف بما لا يستطاع، وما عسى أن يتكلف وتأبى الطباع".
ثم ينقل ابن الجزري عن ابن قتيبة في كتابه "تأويل مشكل القرآن" قوله: "فكان من تيسير الله تعالى أن أمر نبيه ﷺ بأن يُقرئ كل أمة بلغتهم وما جرت عليه عادتهم: فالهذلي يقرأ "عتى حين"
_________
١ النشر ١/ ٢٢.
1 / 19
يريد "حتى" ... والقرشي لا يهمز. والآخر يقرأ "قيل لهم" و"غيض الماء" بالإشمام ... وهذا يقرأ "عليهم" و"منهم".. والآخر يقرأ "عليهمو ومنهمو" بالصلة ... إلى غير ذلك.. ولو أراد كل فريق من هؤلاء أن يزول عن لغته وما جرى عليه اعتياده طفلًا وناشئًا وكهلًا لاشتد ذلك عليه، وعظمت المحنة فيه".
شروط قبول اللغويين للقراءة:
يحتاج موقف اللغويين من القراءات القرآنية وشروط قبولهم لها إلى توضيح، لأن هناك خلطًا كثيرًا وقع في هذه القضية. وأحب بادئ ذي بدء أن أميز بين منهجين مختلفين وموقفين متباينين من القراءات القرآنية:
أولهما: موقف القراء وعلماء الأصول.
والآخر: موقف اللغوييين والنحاة.
الفريق الأول حكمته النظرة إلى القراءة باعتبارها وسيلة تعبد وتقرب إلى الله، وشرطًا لصحة الصلاة، ومصدرًا للتشريع.
أما الفريق الثاني فقد حكمته النظرة إلى القراءة باعتبارها أحد المصادر اللغوية المعتمدة، وشاهدًا لا يصح النظر إليه بمعزل عن سائر الشواهد اللغوية.
الفريق الأول: حين غلب المقياس الديني- وضع لقبول القراءة شروطًا ثلاثة هي:
١- موافقة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالًا.
٢- موافقة العربية ولو بوجه.
٣- صحة سندها واتصال روايتها١.
_________
١ النشر لابن الجزري ص ١- ٩.
1 / 20
أما الفريق الثاني -وهو الذي يهمنا - فقد وضع لصحة القراءة شرطًا واحدًا هو صحة الرواية عن القارئ العدل حتى لو كان فردًا، وسواء رويت القراءة بطريق التواتر أو الآحاد، وسواء كانت سبعية أو عشرية أو شاذة.
بل إن ابن جني في كتابه "المحتسب" كان حريصًا على وضع القراءة الشاذة على قدم المساواة مع القراءة السبعية، وذلك في قوله: "إنه نازع بالثقة إلى قرائه، محفوف بالرواية من أمامه وورائه. ولعله أو كثيرًا منه مساو في الفصاحة للمجتمع عليه".
وإذا كان اللغويون لم يشترطوا النقل المتواتر في أي نص لغوي؛ فلماذا يشترطونه في القراءة القرآنية. وإذا كانوا قد صرحوا بقبول نقل الواحد إذا كان الناقل عدلًا رجلًا كان أو امرأة، حرًّا كان أو عبدًا١ فلماذا يوضع قيد على قبول القراءة دون غيرها؟ بل أكثر من هذا يصرح السيوطي بأن العدالة وإن كانت شرطًا في الراوي فهي ليست شرطًا في العربي الذي يحتج بقوله.
وإلى جانب عدم اشتراط اللغوي للتواتر لم يشترط اتصال السند ورفعه إلى الرسول ﷺ واللغويون بهذا يتعاملون مع القراءة على أنها نص عربي رواه أو قرأ به من يوثق في عربيته على فرض التشكك في نسبة القراءة إلى الرسول.
وبهذا يدخل في باب الاحتجاج اللغوي كثير مما عده القراء من باب التفسير أو الشرح اللغوي.
أما شرط موافقة القراءة لأحد المصاحف للعثمانية؛ فلا يتقيد به اللغوي كذلك. بل هو يرى في هذا الشرط حدًّا من فائدة تعدد القراءات وإضاعة للحكمة من تشريعه، وهي التخفيف على هذه الأمة وإرادة اليسر بها كما سبق أن ذكرنا.
إن العادات النطقية والقدرة على التلفظ ببعض الأصوات دون بعض إنما ترتبط بالجانب الصوتي لا الكتابي. وإلا فأي صعوبة نطقية تتحقق
_________
١ الاقتراح للسيوطي ص ٨٦.
1 / 21
في أن يقرأ القارئ الكلمة كما قرئت "فتبينوا" أو "فتثبتوا" وأي صعوبة في أن ينطق كلمة "عباد" في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا﴾ كما قرأها ابن كثير وابن عامر ونافع وغيرهم "عِنْدَ الرحمن"، أو كما قرأها أُبي وسعيد بن جبير: "عَبْد الرحمن". "بفتح العين وسكون الباء" أو كما قرأها ابن عباس: "عُبَّاد الرحمن" "بضم العين وتشديد الباء"؟ وهل تظهر الحكمة من تعدد القراءات في مثل قوله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾، حينما قرئت "منه" تارة. "مِنّةً" "بكسر الميم وتشديد النون والنصب" وتارة: "مَنُّه" "بفتح الميم وضم النون المشددة والإضافة"، وتارة: "مِنَّة" "بكسر الميم وتشديد النون والرفع".
فإذا كان مثل هذه القراءات يدخل في باب المقبول مع غياب حكمة التخفيف فيها، فلماذا نستبعد قراءات أخرى تبدو حكمة التخفيف واضحة منها لمجرد مخالفتها لرسم المصحف؟ والأمثلة كثيرة على القراءات التي تدخل في باب العادة الكلامية أو الخاصة اللهجية -مما يقبله اللغوي دون تردد- ويستبعده القارئ لمخالفته رسم المصحف مثل:
١- ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْب بِضَنِينٍ﴾، التي قرئت: "بِظَنين".
وكلنا يلاحظ التداخل بين صوتي الضاد والظاء حتى في لغة المعاصرين، ورسم المصحف لا يسمح بالتبادل بين الضاد والظاء.
٢- قوله تعالى: ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴾، وقوله: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ﴾ فقد قرأهما ابن مسعود على خلاف سائر القراء حين أبدل الكاف قافًا في الأولى فصارت "قشطت" وأبدل القاف كافًا في الثانية فصارت، "تكهر". والصلة الصوتية بين القاف والكاف أوضح من أن تحتاج إلى تعليق، ورسم المصحف لا يسمح بالتبادل بين القاف والكاف.
1 / 22
٣- قراءة ابن مسعود: "عتى حين" في: "حتى حين"، وهي خاصة لهجية معروفة منقولة عن هذيل.
٤- ومثل هذا يقال عن قراءة: "إنا أنطيناك الكوثر" بدلًا من ﴿أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر﴾، وقد قرأ بها كل من الحسن وطلحة وابن محيصن وأم سلمة.
بل إنني أرى أن شرط موافقة القراءة لأحد المصاحف العثمانية قد فتح بابًا دخل منه بعض القراء واللغويين الذين غلبوا جانب الرسم على جانب الرواية، فسمحوا بالقراءة بما يوافق الرسم دون التحقق من صحة الرواية، فسمحوا بالقراءة بما يوافق الرسم دون التحقق من صحة الرواية.
وهذا باب خطير دخل منه كثير من الطاغين في القراءات حين ردوا كثيرًا مما روى منها إلى الاجتهاد في النطق بما هو مرسوم.
ولهذا كان حمزة بن حسن الأصفهاني في كتابه "التنبيه على حدوث التصحيف" حريصًا على أن يوضح أن احتمال الهجاء لا يكفي بل لا بد أن يقرأ بهما لتصيرا قراءتين. أما إذا احتمل الهجاء لفظين ولم يقرأ بهما فلا تصيران قراءتين. وضرب الأصفهاني أمثلة لقراءات وافقت رسم المصحف ولم تصح الرواية فيها فعدت من التصحيف، منها القراءات المنسوبة إلى حماد الراوية، قال الأصفهاني: "وكان حماد الراوية يقرأ القرآن دون رواية فكان يقع في التصحيف"، ومما صحفه، "بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي غِرَّةٍ "بكسر الغين" وَشِقَاقٍ"، بدلًا من ﴿فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾، وكذلك: "لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُعنِيهِ" بدلًا من "شأن يغنيه".. وغير ذلك.
أما شرط "موافقة العربية ولو بوجه" فلا يرى اللغوي ضرورة له، لأنه أمر متحقق لا محالة حين يتحقق شرط الرواية، ولهذا يقول ابن الجزري: "وقولنا في الضابط: "ولو بوجه" نريد به وجهًا من وجوه النحو سواء كان أفصح أم فصيحًا، مجمعًا عليه أم مختلفًا فيه اختلافًا لا يضر مثله إذا كانت القراءة مما شاع وذاع وتلقاه الأئمة
1 / 23
بالإسناد الصحيح...." وحين أرد بن الجزري أن يمثل لما نقله الثقة ولا وجه له في العربية لم يجد ما يمثل به إلا ما كان من قبيل السهو والخطأ، ومع ذلك عقب بقوله: "وهو قليل جدًّا بل لا يكاد يوجد"١.
ومن الغريب أن نجد من بين المشتغلين بالقراءات من المعاصرين من يحاول إسقاط ما عدا القرءات السبع من الكتب، ويرفض إثباتها أو الإشارة إليها لأي غرض من الأغراض. فأقصى ما يمكن أن يقوله قائل: أنه لا تصح الصلاة بغير المتواتر، لأنه ليس بقرآن. ولكن إذا لم يكن قرآنًا، أليس من وجهة النظر اللغوية البحتة كلامًا عربيًّا فصيحًا؟ وإذا كان يحظر التعبد به أو قراءته في الصلاة، أليس هناك مجالات أخرى لروايته والاستشهاد به؟ يقول القسطلاني٢: "إن من قرأ بالشواذ غير معتقد أنها قرآن ولا يوهم أحدًا ذلك، بل لما فيها من الأحكام الشرعية عند من يحتج بها، أو الأحكام الأدبية فلا كلام في جواز قراءتها". وبهذا ينبغي أن تدخل القراءات بجميع درجاتها ومستوياتها في الدرس الأدبي واللغوي دون حرج.
نظرة اللغويين إلى القراءة:
تختلف نظرة اللغويين إلى القراءة باختلاف الغاية من الاستشهاد بها. فإن كانت الغاية إثبات وجود اللفظ في اللغة، أو ضبط نطقه أو ذكر معناه، أو غير ذلك من النتائج الجزئية التي لا تعمم حكمًا ولا تبني قاعدة، إذا كانت الغاية كذلك فلا يهم كثرة النماذج اللغوية الموافقة لهذه القراءة أو قلتها، كما لا يهم أن تكون القراءة هي النموذج الوحيد المنقول إلينا. وقد قبل اللغويون روايات الآحاد بالنسبة لجميع الشواهد اللغوية في مثل هذه الحالة.
_________
١ النشر ١/ ١٠، ١٦.
٢ لطائف الإشارات ص ٧٣.
1 / 24
أما إذا كانت الغاية من الاستشهاد وضع قاعدة، أو استنباط حكم أن تقنين نمط فإن اللغوي حينئذ يضع القراءة إلى جانب غيرها من النصوص، ويوازن بينها، ويبني القاعدة على الكثير الشائع، سواء كان مقروءًا به، أو غير مقروء، وسواء كانت القراءة متواترة أو غير متواترة، والقراءة حينئذ لا تتميز بوضع خاص، ولا تنفرد بنظرة معينة بالنسبة لسائر المصادر اللغوية. وكيف تتميز والنص القرآني نفسه لم يعط أي ميزة في مجال التقعيد على غيره من النصوص؟
ألم يتوقف اللغويون عند بعض الآيات القرآنية فحفظوها ولم يقيسوا عليها لأنها لم تأت طبقًا للنموذج الشائع في لغة العرب؟
أينا يسمح بأن يقيس المتعلم على الآية القرآنية "إنّ" بنون مشددة "هذان لساحران" فيرفع الطرفين بعد "إنّ"؟ "الآية ٦٣ طه" وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة وعاصم والكسائي من القراء السبعة.
ومثل هذا يقال عن قراءة معظم السبعة ﴿بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ "النساء ١٦٢".
فالقراءة إذن في مجال التقنين والتقعيد لا تعزل عن بقية المصادر اللغوية وهي القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والشعر الجاهلي والإسلامي ومأثور النثر من حكم وأمثال وخطب ... وهي توضع مع غيرها في سلة واحدة ويصنف الجميع ويحلل ثم توضع القاعدة على ما تثبت كثرته ويتضح شيوعه واطراده، لأنه هو الذي يمثل اللغة المشتركة أو القاعدة التي يجب محاكاتها والالتزام بها.
ومعنى هذا أن معيار اللغوي ومنهجه يختلف عن معيار القارئ ومنهجه، وأن أي محاولة لفرض منهج القراءة على اللغويين سيعني فرض منهج علم على علم آخر، كما سيظهر اللغوي بمظهر المضطرب أو المتناقض في أقواله وأفعاله.
1 / 25