125

Linguistic Miracles in Texts from the Revelation - Lectures

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات

ژانرها

الحلقة الثالثة: سورة الحديد: تكلمنا في الحلقة الماضية على مفتتح سورة الحديد (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وذكرنا بعض الأمور التي تتعلق بالتقديم والتأخير وذكر (ما) وعدم ذكرها وتوقفنا في نهاية الحلقة عند (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وقلنا أن معنى العزيز هو الغالب الممتنع والحكيم فيها إحتمالان فعيل من الحِكمة أو من الحُكم. الحكمة هي وضع الشيء في محله قولًا وعملًا ويقولون (توفيق العلم بالعمل) . بالنسبة للناس إذا يتكلم واحد في غير مكانه وفي غير مقام فهو ليس بحكيم وإنما ينبغي أن يختار الوقت المناسب مع الأشحاص المناسبين ويتكلم بما هو في مستواهم ولا ينبغي أن يقول شيئًا ويفعل ضده فهذا ليس بحكيم. إذن الحكمة وضع الشيء في محله قولًا وعملًا. والله تعالى ذو الحكمة البالغة. الحكيم فيها اعتباران: قد تكون من باب الحكمة (الحكيم) وقد تكون من باب الحُكم (حكيم) والآية تجمعهما معًا وهذا يسمى باب التوسع في المعنى. أحيانًا يؤتى بكلمة واحدة أو تعبير واحد يجمع عدة معاني كلها مرادة داخل سياق واحد. إذا أردت أن تعيّن لا بد أن تأتي أما بتعبير ذي دلالة واحدة قطعية أو تأتي بأمور أخرى حتى تصل إلى هدفك. مثال قوله تعالى: (وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا (١٦٠) النساء) ما المقصود؟ كثيرًا من الناس؟ كثيرًا من الصدّ؟ كثيرًا من الوقت؟ يحتمل ولا يوجد قرينة سياقية تحدد أحدها وإنما أرادها الله ﷾ جميعًا يصدون كثيرًا من الناس وكثير من الصدّ، هذا يسمى التوسع في المعنى. (بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (١٥) الفتح) هل قليلًا من الفهم؟ قليلًا منهم؟ يحتمل وهي مرادة. (فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلًا وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (٨٢) التوبة) هل هو القليل من الضحك؟ أو من الوقت؟ المعنى: فليضحكوا ضحكًا قليلًا وقتًا قليلًا وليبكوا بكاءً كثيرًا زمنًا

1 / 125