Linguistic Beauty in Texts from Revelation - Book
لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب
ناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الثالثة
سال انتشار
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م
محل انتشار
عمان - الأردن
ژانرها
وجاء في (التفسير القيم): "وذكر الصراط المستقيم منفردًا مُعَرَّفًا بتعريفين، تعريفًا باللام، وتعريفًا بالإضافة، وذلك يفيد تعيينه واختصاصه، وأنه صراط واحد. وأما طرق أهل الغضب والضلال، فإنه سبحانه يجمعها ويفردها كقوله: ﴿وَأَنَّ هاذا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣] . فوحَّد لفظ الصراط وسبيله وجمع السبل المخالفة له ... وهذا لأن الطريق الموصل إلى الله واحد، وهو ما بعث به رُسُلَهُ وأنزل به كتبه لا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق، ولو أتى الناس من كل طريق واستفتحوا من كل باب فالطريق عليهم مسدودة، والأبواب عليهم مغلقة، إلا من هذا الطريق الواحد".
والملاحظ أن القرآن لم يأت بكلمة الصراط، إلا مُفْرَدَةً فلم يستعملها مجموعة بخلاف السبيل فإنه يفردها ويجمعها، ذلك أن الصراط هو أوسع السبل، وهو الذي تُفضي إليه السبل. قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هاذا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣] فجعله صراطًا واحدًا وهو صراطٌ مستقيم ثم قال: ﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل﴾ .
وقال: ﴿يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتبع رِضْوَانَهُ سُبُلَ السلام﴾ [المائدة: ١٦] . فذكر السبل بالجمع، وهي طرق الخير المتعددة في الإسلام.
وقال: ﴿والذين جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت: ٦٩] . فجعل له سبلًا متعددة، في حين لم يجعل له إلا صراطًا واحدًا، وهو الصراط المستقيم.
ثم زاد هذا الصراط بيانًا وتوضيحًا، فقال: ﴿صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِم وَلاَ الضآلين﴾ فذكر أنه صراط الذين أنعم الله عليهم، وسَلِمُوا من الغضب والضلال. وقد جمع الله أصناف المكلفين في هذه الآية وانتظمهم كلهم.
1 / 60