Letters of Sunna and Shia by Rashid Rida
رسائل السنة والشيعة لرشيد رضا
ناشر
دار المنار
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٣٦٦ هـ - ١٩٤٧ م
محل انتشار
القاهرة
ژانرها
(١) أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص٤٠٨، ولصابوني في اعتقاد أهل الحديث ص ٤٥، وهذا الأثر مشهور مستفيض لا تكاد تخلو منه كتب أهل السنة في المعتقد، وهذا الجواب من الإمام مالك وغيره من الأئمة ﵃ شافٍ، عامّ في جميع مسائل الصفات، فمن سأل عن قوله: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأرَى﴾ كيف يسمع ويرى؟، أجيب بهذا الجواب بعينه، فقيل له: السمع والبصر معلوم، والكيف غير معقول، وكذلك من سأل عن العلم، والحياة، والقدرة، والإرادة، والنزول، والغضب، والرضى، والرحمة، والضحك، وغير ذلك، فمعانيها كلها مفهومة، وأما كيفيتها فغير معقولة؛ إذ تعقُّل الكيفية فرع العلم بكيفية الذات وكنهها، فإذا كان ذلك غير معقول للبشر، فكيف يعقل لهم كيفية الصفات؟! كما أن هذا الكلام فيه أنَّ نفس الاستواء معلوم، وأنَّ كيفية الاستواء مجهولة، وهذا بعينه قول أهل الإثبات، وأما نفاة الاستواء فما يثبتون استواء حتى تجهل كيفيته، خاصة عند المفوضة من الأشاعرة وأمثالهم أنَّ الاستواء مجهول غير معلوم، وإذا كان الاستواء مجهولًا لم يحتج أن يُقال: الكيف مجهول، لا سيما إذا كان الاستواء منتفيًا، فالمنتفي المعدوم لا كيفية له حتى يُقال: هي مجهولة أو معلومة، وكلام مالك صريح في إثبات الاستواء، وأنَّه معلوم، وأنَّ له كيفية، لكن تلك الكيفية مجهولة لنا لا نعلمها نحن. انظر: مجموع الفتاوى (٥ / ١٨١) . (٢) في مصادر التخريج: «ولا يحدون» ونفي الحد الذي ذكره السلف هنا حق، لكن حدث بعدهم من أدخل في عموم نفيه حقا وباطلا، فيحتاج إلى بيان ذلك، وهو: أن السلف متفقون على أن البشر لا يعلمون لله حدا، وأنهم لا يحدون شيئا من صفاته، ومرادهم أن الله يتعالى عن أن يحيط أحد بحده، فهذا الحد المنفي. وأما الحد بمعنى أنه متميز عن خلقه منفصل عنهم مباين لهم، فهو الحد المُثبَت، سئل عبد الله بن المبارك: بم نعرف ربنا؟ قال: بأنه على العرش، بائن من خلقه، قيل: بحد؟ قال: بحد. وأقره الإمام أحمد، انظر: السنة لعبد الله بن أحمد ١ / ١٧٥، الإبانة لابن بطة (١ / ١٥٩، ١٦١) . ومن المعلوم أن الحد يقال على ما ينفصل به الشيء ويتميز به عن غيره، والله تعالى غير حال في خلقه، ولا قائم بهم، بل هو القيوم القائم بنفسه، المقيم لما سواه. فالحد بهذا المعنى لا يجوز أن يكون فيه منازعة في نفس الأمر أصلا. انظر: بيان تلبيس الجهمية (٣ / ٧ - ٥٢ ط: مجمع الملك فهد)، شرح الطحاوية لابن أبي العز، فتاوى الشيخ ابن عثيمين (٧ / ١٩٣) وقال ﵀: «وبذلك تعرف أن نفي الحد وإثباته على وجه الإطلاق لا ينبغي، على أن السلامة هي أن يقال: إن الحد لا يضاف إلى الله إطلاقًا لا على سبيل وجه النفي ولا على وجه الإثبات، لكن معناه يستفصل فيه، ويثبت الحق منه ويبطل الباطل، والله أعلم» . (٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٣ / ٣) وفي الأسماء والصفات (٢ /٣٣٤ ط: الحاشدي) . (٤) للسلف عدة نصوص تبين التفسير المنفي هنا، فمنها ما قال أبو عبيد: «إذا قيل كيف وضع قدمه؟ وكيف ضحك؟ قلنا: لا يفسر هذا»، وقال سفيان بن عيينة: «كل ما وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره، لا كيف ولا مثل»، وقال الأثرم: «قلت لأبي عبد الله: حدث محدث وأنا عنده بحديث «يضع الرحمن فيها قدمه..» وعنده غلام فأقبل على الغلام فقال: إن لهذا تفسيرا. فقال أبو عبد الله: انظر إليه، كما تقول الجهمية سواء»، وسئل أبو زرعة الرازي عن تفسير ﴿الرحمن على العرش استوى﴾ فغضب وقال: تفسيره كما تقرأ، هو على عرشه وعلمه في كل مكان» . انظر: الصفات للدارقطني ص ٤٠، ٤١، إبطال التأويلات ص ٧٥، مجموع الفتاوى ٥ / ٥٠ - ٥١، العلو للذهبي (١ / ١٧٧، ١٨٨، ٢٥١، ٢٦٤ ط: أضواء السلف) .
1 / 91