135

دروس الشيخ أسامة سليمان

دروس الشيخ أسامة سليمان

ژانرها

فضل شهر رمضان الحمد لله رب العالمين: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ [السجدة:٨ - ٩]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ [فاطر:٣]، خلقنا من عدم، وأطعمنا من جوع، وكسانا من عري، وهدانا من ضلال، وعلمنا من جهل، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، يغني فقيرًا، ويفقر غنيًا، ويعز ذليلًا، ويذل عزيزًا، ويملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيفما شاء وحسبما أراد، فاللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك. وأشهد أن نبينا ورسولنا وشفيعنا محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، اللهم صل وسلم وبارك عليه في الأولين والآخرين والملأ الأعلى إلى يوم الدين. ثم أما بعد: أيها الإخوة الكرام الأحباب! يطل علينا بعد أيام شهر مبارك، فرض الله صيامه، وسن النبي ﷺ قيامه، شهر جعله الله موسمًا للطاعات وقبول الصدقات، ومضاعفة الأجور والأعمال، والمحروم من حرم رحمة الله في هذا الشهر، والناس يتباينون وتختلف مشاربهم فيه، فمنهم من يستعد لاستقباله بإعداد المسلسلات والسهرات الرمضانية الكروية، واستضافة الفنانين والفنانات، وما أعدوه من برامج لهذا الشهر الكريم، فهذا يقول: أنا لا أنام الليل؛ لأجل أن أنتج عملًا يرضى عنه الجماهير في رمضان، فرمضان موسم لنا لابد أن نعرض فيه إنتاجنا. وتجد صنفًا يكدس المأكولات والمشروبات وما لذ وطاب، وصنف يزين الطرقات ويبتهج بقدومه في شكل مظهري. أما عباد الرحمن فيعلمون لرمضان قدره، فيستعدون لرمضان بتطهير الظاهر والباطن، وبتوبة نصوح؛ لأن بلوغ رمضان نعمة من الله على عبده، فإذا أدركك رمضان فاسجد لله شكرًا، فقد كان السلف إذا صاموا رمضان يدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم صيامه، وستة أشهر أخرى أن يبلغهم رمضان القادم؛ لأن بلوغ رمضان نعمة من الله على العبد، ولم لا وهو شهر الإنفاق، وشهر القرآن، وشهر الصيام، وشهر العتق من النار، وشهر تفتيح أبواب الجنان، وتغليق أبواب النيران، وتصفيد مردة الشياطين، فتصفد الجن وتنطلق شياطين الإنس؛ ليضلوا الناس في شهر واحد، فنقول: اتركوا الناس لربهم، أما كفاكم إضلالًا للعباد في سائر السنة، فهو شهر نريد للعباد أن يعودوا فيه لربهم، فقد كان السلف إذا جاء رمضان يصنعون العجب. إخوتي الكرام! لقد خص الله رمضان بفضائل عن سائر شهور السنة ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ﴾ [القصص:٦٨]، خلق السماوات واختار منها السماء السابعة لتكون مستقرًا للملائكة المقربين، وهي أدنى السماوات من عرش الرحمن، وخلق الجنة واختار منها الفردوس الأعلى، وخلق البشر واصطفى منهم أنبياء، واصطفى من الأنبياء رسلًا، واصطفى من الرسل سيد البشر محمدًا ﷺ، وخلق الأزمان واختار منها، فاختار من أيام الأسبوع يوم الجمعة، ومن أيام السنة يوم عرفة، ومن شهورها شهر رمضان، ومن لياليه ليلة القدر. لذلك المؤمن التقي يفرح عندما يحل عليه رمضان، ويستعد بالدعاء أن يوفقه الله لصيامه، وأن ييسر له قيامه، ثم يطهر نفسه بتوبة نصوحًا، فيستعد لأعمال أكد عليها النبي ﷺ، ويستعد للأعمال التي ينبغي أن تكون لها الأولوية في رمضان. وهنا برنامج أعددته لأعلنه لمن أراد على حسب حاله أن يكون يومه في رمضان في طاعة الله سبحانه، ويكون في يوم رمضاني إيماني؛ لأننا نحتاج بعد عام كامل انتهى أن نطهر أنفسنا من الذنوب، فمعاصينا كثيرة، والويل لنا إن لم يغفر لنا ربنا.

9 / 2