212

Lessons of Sheikh Ahmad Fareed

دروس الشيخ أحمد فريد

ژانرها

وجود إله واحد للكون تثبته الفطرة السليمة كما يثبته العقل الصحيح قال تعالى: ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الأعراف:٧٠]. فالكفر يطمس على وجوههم مع أنه لا يمكن أن يكون في الكون إلا إله واحد قابض قاهر، قال تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء:٢٢]، فلو كان في السماوات والأرض آلهة مع الله ﷿ لفسدتا بدليل التمانع كما يقولون، فلو كان للكون إلهان خالقان مدبران وأراد أحدهما تسكين جسم والآخر تحريكه فإما أن يحدث مرادهما: أن يتحرك الجسم ويسكن في آن واحد، وإما ألا يكون مراد أحدهما فيخلو الجسم من الحركة والسكون، وهذان ممتنعان ومستحيلان، وإما أن يتحقق مراد أحدهما: أن يتحرك أو يسكن، فمن يتحقق مراده فهو الإله الحق الذي يعبد؛ لأن الإله لابد أن يكون قادرًا على جلب المصالح ودفع المضار، ولابد أن ينفع عابديه فلا يمكن أن يكون في الوجود إلا إله واحد. قال تعالى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [المؤمنون:٩١] أي: أنه لا يمكن أن يكون للكون إلهان مدبران فإما أن يذهب كل إله بما خلق فيكون هذا له ملكه وسلطانه والآخر له ملكه وسلطانه، وإما أن يغلب أحدهما الآخر فيكون لا وجود له ولا سلطان له، وأما أن يكون هناك إلهان مدبران قادران قاهران في وقت واحد فهذا لا يمكن أن يكون، فهؤلاء يقولون: ﴿أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ [الأعراف:٧٠]، كما قال كفار قريش: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ [ص:٥]، أي: كيف تصير الآلهة إلهًا واحدًا؟! مع أن الفطرة تشير إلى أن الإله واحد، ومع أن الأدلة كلها تدل على أنه لا يمكن أن يكون هناك إلا إله واحد قاهر، إلا أنه استولى على هؤلاء الكفار إعراض وتكذيب وإصرار على الكفر. قال تعالى: ﴿قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنتَظِرِينَ﴾ [الأعراف:٧١]، أي: كيف أنكم تجعلون ما صنعتموه بأيديكم وسميتموه هذه الأسماء بأنه آلهة؟ فالذي يحتاج إلى من يسميه لا يستحق أن يكون إلهًا ولا يستحق أن يعبد؛ لأنه فقير إلى غيره، قال تعالى: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ﴾ [النجم:٢٣]. فالله ﷿ سمى نفسه بأسمائه الحسنى واختار أحسن الأسماء لنفسه ﷿، قال النبي ﷺ: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة)، وقال أيضًا: (أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك). فهذه الآلهة التي تحتاج إلى من يسميها، والخلق الضعفاء هم الذين اختاروا لها هذه الأسماء، لا تستحق أن تعبد من دون الله ﷿، فقال لهم هود ﵇: ﴿أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنتَظِرِينَ﴾ [الأعراف:٧١] أي: انتظروا عقوبة الله ﷿، وانتظروا عذاب الله ﷿، وأجمل ما في هذه الآيات من سورة الأعراف هو كيف نجى الله ﷿ هودًا والذين معه، وبين الله ﷿ في مواضع أخرى في كتابه كيف نجى المؤمنين، وكيف أهلك الله ﷿ الكافرين؟ أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

26 / 5