197

Lessons of Sheikh Ahmad Fareed

دروس الشيخ أحمد فريد

ژانرها

قصة صالح مع قومه ثمود قال الله ﷿: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الأعراف:٧٣] أي: معجزة من عند الله ﷿، وهي الناقة التي أخرجها الله ﷿ لهم من الصخرة. ذكر المفسرون أن صالحًا ﵇ كان يجادل قومه ويناظرهم، وهؤلاء القوم هم قوم ثمود، وكانوا يسكنون بالحجر، وهو في شمال جزيرة العرب بين الحجاز وبين تبوك. وذكرنا أن عادًا وهي الأمة التي كانت قبلهم كانوا في الأحقاف بين عدن وحضرموت، فقوم ثمود أتوا بعدهم بمدة، وكانوا يسكنون في الحجر، وقد مر عليهم النبي ﵌ وهو ذاهب إلى تبوك، فاستقى الناس من أبيار ثمود، وعجنوا العجين، فلما بلغ ذلك رسول الله ﵌ أمرهم أن يريقوا الماء، وأن يرموا العجين، وقال: (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين، إلا أن تكونوا باكين؛ لئلا يصيبكم ما أصابهم). فانظروا كيف يحذر النبي ﵌ من الدخول إلى ديار المعذبين الذين عذبوا قبل ذلك. ولما مر عليهم النبي ﷺ بديارهم قنع رأسه، وأسرع المسير، فينبغي للمؤمن أن يعتبر عندما يمر على هؤلاء المعذبين. كذلك لما مر بوادي محسر الذي نزلت فيه الحجارة على الفيل قبل الميلاد النبوي، أو في العام الذي ولد فيه النبي ﵌، أمرهم أن يسرعوا الخطى. فهذه الأماكن عباد الله التي عذب فيها الكفرة والفجرة لم تكن للتنزه ولا للفرجة ولا للفسحة، بل هي أماكن للعبرة والعظة، فإذا مر بها المؤمن ينبغي أن يكون معتبرًا متعظًا، وينبغي أن يكون باكيًا لا غافلًا، قال تعالى: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ [هود:١١٣]. يحذرنا الشرع من أن نتشبه بالكافرين وأن نسلك مسالكهم، ويحذرنا النبي ﷺ من أن ندخل عليهم في مساكنهم، إلا أن نكون باكين معتبرين. لما مر النبي ﵌ في غزوة تبوك بديار ثمود أمر أصحابه أن يريقوا الماء الذي حملوه معهم من ديار ثمود، ثم أوردهم البئر التي كانت تشرب منه الناقة، فملئوا منه أوعيتهم. قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف:٧٤]. يبدو أنه كان فيهم شبه من قوم عاد، أي: في طول الأجساد وطول الأعمار؛ بأنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتًا فارهين، وكانوا أهل زرع وأهل ماشية وأهل حرث، فذكرهم نبيهم بنعم الله ﷿ عليهم، وحذرهم من نقمة الله ﷿، وحذرهم مما حدث للقوم الذين خلوا قبلهم من المكذبين وهم عاد قوم هود، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ﴾ [الأعراف:٧٤] قال العلماء: كانوا بعدهم بمدة طويلة؛ لأنه لم يقل: بعد عاد، بل قال: من بعد عاد، أي: بمدة طويلة، كما مكث نوح في قومه يدعوهم إلى الله ﷿ ألف سنة إلا خمسين عامًا، فيبدو أن المدة كانت طويلة، وأن أجسامهم كانت كذلك فارهة عظيمة، كما كان آدم ﵇ طوله ستون ذراعًا. ذكرهم نبيهم بنعم الله ﷿ عليهم، وأن الله ﷿ مكنهم في الأرض يبنون في الأماكن السهلة المنبسطة قصورًا يسكنون فيها في الصيف، وينحتون من الجبال بيوتًا يسكنونها في الشتاء، قال ﴿فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف:٧٤]. ذكر المفسرون أن صالحًا ﵇ كان يناظر قومه ويجادلهم، وقالوا له: لن نؤمن لك حتى تخرج لنا من هذه الصخرة ناقة من صفتها كذا وكذا، وتعنتوا في وصفها، أن يكون طولها كذا، وغير ذلك، فكأن صالحًا ﵇ وجد ذلك فرصة وأن يدخلوا في الإيمان، فقال لهم: أرأيتكم إن أجبتكم إلى ما سألتم أتؤمنون بما جئت به؟ فقالوا: نعم، فأخذ عليهم عهودهم ومواثيقهم، ثم دعا الله ﷿، فأجابه الله ﷿، فتمخضت الصخرة عن ناقة، وهي أنثى الجمل على الصفة التي وصفوها، فآمن منهم أناس وأعرض أكثرهم عن الإيمان. فالآية أتت على ما طلبوا وسألوا، ولكنهم استمروا على كفرهم وتكذيبهم، وكانوا في غاية الكفر والغباوة. وحذرهم نبيهم من أن يتعرضوا لهذه الناقة، فقال لهم: هذه ناقة الله لكم آية فلا تمسوها بسوء، أي: لا تتعرضوا لها في شربها ولا في أكلها، فأمرهم أن يشربوا من البئر يومًا، وأن يدعوا الناقة تشرب اليوم الآخر، وفي اليوم الذي تشرب فيه الناقة من البئر هم يشربون من لبنها، لقد أضاف الله ﷿ الناقة إلى نفسه إضافة تشريف؛ لأنها آية من آيات الله ﷿، ومعجزة من معجزات أنبياء الله ﷿، ولم يخلقها بالطريقة التي خلق بها سائر النوق والجمال، ﴿هَذِهِ نَاقَةُ الل

24 / 3