169

Lessons of Sheikh Ahmad Fareed

دروس الشيخ أحمد فريد

ژانرها

الحث على تحري العشر الأواخر من رمضان كذلك هذا الشهر الكريم عباد الله! كله بركة وخير ورحمة، ولكن آخره أشرف من أوله، وكان النبي ﷺ يخص العشر الأواخر من رمضان بأنواع من العبادات كما تقول عائشة ﵂: (كان رسول الله ﷺ إذا دخل العشر الأواخر من رمضان شد مئزره وأحيا ليله، وأيقظ أهله) وشد المئزر قيل: علامة على الجد والاجتهاد في العبادة. والصحيح: أن شد المئزر علامة على اعتزال النساء؛ لأن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، والمعتكف ممنوع من مباشرة النساء، كما قال الله ﷿: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة:١٨٧] فالمباشرة تفسد الاعتكاف، فكان يشد المئزر، وما ذلك إلا لأن الله تعالى لما أباح مباشرة النساء في ليل رمضان وقال: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [البقرة:١٨٧]، أباح لهم أن يستمتعوا بالنساء في ليالي العشرين الأولى من رمضان، ثم ندبهم إلى الاجتهاد في تحري ليلة القدر وطلبها، وأن لا يظلوا في اللهو المباح، فيضيع عليهم ثواب هذه الليلة التي تساوي عمر الإنسان، والتي لو قامها العبد إيمانًا واحتسابًا لغفر الله ﷿ له ما تقدم من ذنبه. قال الإمام مالك ﵀ في موطئه: (بلغنا أن النبي ﷺ أري أعمار الأمم قبله فكأنه تقاصر أعمار أمته) أي: خشي ألا يبلغوا من الدرجة ومن الفضل ما بلغته الأمم السابقة، قال: (فأعطاه الله ﷿ ليلة القدر خير من ألف شهر)، أي: خير من أكثر من ثمانين سنة، فمن حرم خيرها فقد حرم. فينبغي على العبد أن يتحرى العشر الأواخر من رمضان، فإنه قد مضى منها شطرها، فعلينا أن نجتهد فيما بقي. والسبع الأواخر من رمضان كذلك أشرف من أول هذه العشر، فينبغي أن يجتهد العبد في طلب ليلة القدر، فمن العبادات التي خص بها النبي ﷺ هذه العشر اعتزال النساء، ومن ذلك أنه كان يحيي ليله، ومعلوم أن النبي ﷺ كان يقوم الليل طوال السنة، كما أمره الله ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [المزمل:١ - ٥]. فكان يقوم كل يوم في السنة ثلث الليل أو نصف الليل، يزيد قليلًا أو ينقص قليلًا، فقوله: (أحيا ليله)، قيل: أحيا معظم الليل، أي: كان يحيي معظم الليل في رمضان ويطيل قيامه. قوله: (وأيقظ أهله) أي: للقيام، فهذه عبادات خص بها النبي ﷺ في العشر الأواخر من رمضان.

20 / 8