شرح قوله في الحديث (وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى)
ثم قال: (وكلمة الحق في الغضب والرضا)، لأن العبد إذا غضب قد لا يحكم بالحق، أو إذا كان الحكم على أحد من أعدائه فقد لا يحكم بالعدل والحق، والله تعالى يقول: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة:٨]، ولذلك نهي القاضي أن يحكم وهو غضبان؛ لأن هذا قد يحمله على الحكم بغير الحق، وقاسوا على ذلك شدة الجوع، وشدة الخوف، والحاجة إلى النوم؛ لأنه يخرج عن حال الاعتدال، فيخرجه ذلك عن الحكم بالعدل.
ثم قال: (والقصد في الفقر والغنى)، والمحك الحقيقي -عباد الله- في الإنفاق أن يكون مقتصدًا في الغنى، فيقتصد إذا بسط الله ﷿ عليه، كما قال تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [الإسراء:٢٩]، فينبغي للعبد أن يكون مقتصدًا في الفقر والغنى.
19 / 5