149

Lessons of Sheikh Ahmad Fareed

دروس الشيخ أحمد فريد

ژانرها

الرد من السنة على شبه المنكرين لعذاب القبر وكما دلّت الآيات القرآنية الكريمة -عباد الله- على حياة القبر وعلى عذابه دلّت كذلك السنة النبوية المطهّرة، بل تواترت الأحاديث عن النبي ﵌ في إثبات حياة القبر. ومن ذلك أحاديث تبيّن أنه لا بد أن يُفتن الناس في قبورهم، ولا بد أن يسألوا في قبورهم، وأحاديث يأمر فيها النبي ﷺ بالتعوذ من عذاب القبر، وأحاديث يبين النبي ﷺ أنه سمع بعض المعذّبين يُعذّبون في قبورهم، وأحاديث تبيّن صورًا من صور هذا العذاب وأسبابه. ومن هذه الأحاديث -عباد الله- التي تُثبت عذاب القبر: ما ورد عن ابن عباس ﵄: (أن النبي ﷺ مر على قبرين فقال: إنهما يُعذّبان وما يُعذّبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول)، وفي رواية: (لا يستتر من البول) وفي رواية: (لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يسعى بالنميمة، ثم أمر النبي ﷺ بجريدة فشقها نصفين وقال: لعله أن يخفف عنهما ما لم تيبسا). ومنها كذلك: ما ورد عن زيد بن ثابت ﵁ قال: (بين رسول الله ﷺ في حائط لبني النجار إذ حادت به بغلته، فكادت أن تلقيه، فإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة -أي: أن الدابة فزعت فزعًا شديدًا عندما سمعت الصراخ أو أحسّت بعذاب من يُعذّب في هذه القبور، فكادت أن تلقي برسول الله ﵌ فقال النبي ﵌ للصحابة الكرام: أيكم يعرف أصحاب هذه القبور؟ فقال رجل: أنا، فقال النبي صلى الله عليه، وآله وسلم: متى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك، فقال النبي ﷺ: إن هذه الأمة تُبتلى في قبورها، ولولا ألا تدافنوا -أي: لا يدفن بعضكم بعضًا؛ خوفًا من أن يمس الذي يدفن شيئًا من عذاب القبر- لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع، ثم قال ﷺ: استعيذوا بالله من عذاب النار، قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار، قال: استعيذوا بالله من عذاب القبر، قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر، قال: استعيذوا بالله من فتنة المسيح الدجال، قالوا: نعوذ بالله من فتنة المسيح الدجال، قال: استعيذوا بالله من شر فتنة المحيا والممات). وكذلك في حديث أبي هريرة ﵁: (أن النبي ﷺ كان يأمر إذا فرغ العبد من التشهد الأخير أن يستعيذ بالله ﷿ من أربع: من عذاب النار، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال). ووردت كذلك أحاديث نبوية شريفة تدل على السؤال في القبر، وما يسأل عنه العبد في قبره، وقد ورد في حديث البراء بن عازب أن المؤمن يأتيه ملكان فيقولان: من ربك؟ فيقول: ربي الله، ويسأل عن دينه فيقول: ديني الإسلام، ويسأل عن رسول الله ﷺ ويقال له: كيف عرفت رسالته؟ فيقول: قرأت كتاب الله تعالى فآمنت به وصدّقت، والكافر يقول: هاه هاه لا أدري، فقد فاته أن يعرف ربه ﷿، كان مشغولًا بمعرفة من يلعب الكرة، وبمعرفة الممثلين والممثلات والفاسقين والفاسقات، ففاته أن يعرف ربه ﷿، وفاته أن يتعرف على نبيه الكريم ﷺ، وأن يدرس سيرته ومعجزاته ﷺ، فيقول الكافر والمفرّط: هاه هاه لا أدري، فتقول الملائكة: لا دريت ولا تليت. وفي حديث قتادة عن أنس ﵁ عن النبي ﷺ قال: (إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم حين يولون عنه مدبرين، ثم يأتيه ملكان فيقولان: من ربك؟ فأما المؤمن فيقول: ربي الله). قال قتادة: وبلغنا أنه يُفتح له في قبره سبعون ذراعًا ويملأ عليه خضرًا إلى يوم يُبعثون. ومن الأحاديث التي تثبت عذاب القبر: ما قيل للنبي ﷺ: (ما أحد يقف عليه ملك إلا هيل -أي: مهما كان يعرف الإجابة، ومهما كان قد درس التوحيد، ولكنه وحيد فريد في قبره ضعيف لا حيلة له ولا وسيلة، يأتيه ملكان أسودان أزرقان فيجلسانه ومعهم المطراق- فقال النبي ﷺ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾ [إبراهيم:٢٧]) فلا يثبت عند ذلك إلا المؤمنون. وأنت ترى الناس في الدنيا في كامل صحتهم وعافيتهم وعقلهم ومع ذلك يتمكن منهم الشيطان ويسوقهم حيث أراد، فكيف بهم إذا تخاذلت قواهم وضعفت قوتهم؟ وكيف بهم إذا بلغ الكرب منهم مبلغه وقت معاناة السكرات، وهم في غاية الضعف واليأس من الدنيا والألم، والشيطان أشد ما يكون عليهم عند خروج الروح؟ فهناك ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ [إبراهيم:٢٧] فلا يثبّت

18 / 5