دروس في العقيدة - الراجحي
دروس في العقيدة - الراجحي
ژانرها
حكم السجود أمام حجرة النبي ﷺ
السؤال
سجد رجل أمام حجرة النبي ﷺ في المدينة، فلما أنكر عليه قال: هذا سجود احترام مثل سجود أبوي يوسف ليوسف.
فكيف يجاب عليه؟
الجواب
يجاب عنه كما أجبنا على الصوفي الذي يسجد لشيخه ويقول: إنما أضع الرأس قدام الشيخ احترامًا له وتواضعًا، فنقول له: هذا سجود ولو سميته احترامًا وتواضعًا، فما دام أنه قصد السجود للنبي ﷺ فهذا شرك، وكونه يقول: إن هذا احترام وتواضع لا يغير من الأمر شيئًا؛ لأن العبرة بالحركة والمعنى، وليست العبرة بالتسمية، فلو سمى الناس الخمر شراب الروح فهو خمر، ولا تزيل التسمية تحريمه، ولو سمى الناس الربا الفائدة أو العمولة أو الربح المركب فهو ربا؛ لأن العبرة بالمعاني والحقائق.
فلو سمى سجوده للنبي ﷺ، أو للشمس، أو للقمر، أو للنجم تواضعًا واحترامًا؛ فهو سجود؛ لأن العبرة بالمعنى والحقيقة لا بالتسمية.
أما سجود أبوي يوسف وأخوته له فهو سجود احترام، وهو جائز في شريعة يوسف وفي شريعة يعقوب، ولهذا لما رأى يوسف الرؤيا قال في أول الأمر عندما كان صغيرًا: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ [يوسف:٤] فقال هذا وهو صغير، ثم بعد ذلك لما كبر وولي خزائن مصر وأتاه الناس يكيل لهم، ثم أتاه إخوته، ثم أخذ أخاه، ثم بعد ذلك أرسل قميصه، وقال لإخوته: ائتوني بأهلكم أجمعين، جاء أبوه وأمه وأخوته وهم أحد عشر أخًا، فلما جاءوا رفع أبويه على العرش، وخروا له سجدًا، وهو سجود تحية واحترام لا سجود عبادة، وهذا جائز في شريعتهم، لكن شريعتنا أكمل الشرائع، فلا يجوز فيها سجود التحية.
ولما سجد معاذ للنبي ﷺ حين جاء من اليمن، وقال: إنه رآهم يسجدون للملوك؛ أنكر عليه النبي ﷺ وقال: (لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) من عظيم حقه عليها.
فالمقصود أن السجود لا يجوز في شريعتنا، أما في شريعة يوسف ويعقوب فإنه جائز، وليس سجود عبادة، وإنما سجود تحية وإكرام، ولما سجدوا قال يوسف لأبيه: ﴿يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ﴾ [يوسف:١٠٠] أي: وقعت الرؤيا، حيث رآها وهو صغير، ثم تحققت الرؤيا وهو كبير، فلما سجدوا له بالفعل قال: ﴿يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا﴾ [يوسف:١٠٠].
،التأويل بمعنى: الحقيقة التي يئول إليها الشيء، والتأويل يأتي بمعنى: التفسير، ويأتي بمعنى: الحقيقة التي يئول إليها الشيء.
9 / 20