Lessons by Sheikh Saud Al-Shuraim
دروس للشيخ سعود الشريم
ژانرها
من راقب الله في الدنيا جوزي بالحسنى في الآخرة
أيها المسلمون: قول النبي ﷺ في تفسير الإحسان يشير إلى أن العبد يعبد الله على هذه الصفة، وهي استحضار قربه وأنه بين يديه كأنه يراه؛ لأنه يوجب الخشية والخوف والهيبة والتعظيم وذلك أفضل الإيمان كما ثبت عنه ﷺ أنه قال: ﴿أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيث كنت﴾ رواه الطبراني، وبه تفوز بوعد الله ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس:٢٦] وثبت عن النبي ﷺ عند مسلم تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه الله ﷿ في الجنة، وهذا مناسب لجعله جزاءًَ لأهل الإحسان؛ لأن الإحسان هو أن يعبد المؤمن ربه في الدنيا على وجه الحضور والمراقبة كأنه يراه بقلبه وينظر إليه في حال عبادته فكان جزاء ذلك النظرَ إلى الله عيانًا في الآخرة، وعكس هذا ما أخبر به تعالى عن جزاء الكفار في الآخرة ﴿إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين:١٥] وجعل ذلك جزاءً لحالهم في الدنيا وهو تراكم الران على قلوبهم حتى حُجبت عن معرفته ومراقبته في الدنيا؛ فكان جزاؤهم على ذلك أن حجبوا عن رؤيته في الآخرة.
إن الإحسان على ما فسره به رسول الله ﷺ ينبغي أن يتجلى في الأمة بعامة، وفي كل شأن من شئونها، فالقاضي المسلم لا يُظن في الظلم والجور حين يرقب الله كأنه يراه، ولا يجوز له أن يضع نزواته وهواه في مكان العدل الذي يطلبه منه رقيبه ومولاه، بل كيف تتجه نفسه إلى البطش والغمط ومن يرقبه يقول له: ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة:٨] ويقول له: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [النساء:٥٨]؟!
4 / 3