Lessons by Sheikh Al-Albani
دروس للشيخ الألباني
ژانرها
جهل جماعة التبليغ بالتفريق بين السنة التعبدية والعادية
السؤال
تقول جماعة التبليغ: إن السنة للمدرس أن يلقي درسه جالسًا، أما الداعي فالسنة أن يدعو إلى الله وهو قائم على رجليه ممسكًا بعصا فهل هذا صحيح؟
الجواب
مجال للتوسع أنهم لا يفرقون بين السنة التعبدية والسنة العادية الرسول ﵊ كان له عصا تسمى بالمحجم لها عكفة، وكانت تنصب له في العراء إذا صلى، خاصة في المصلى كانت تنصب له ليصلي إليها، فهذه كان يستعملها الرسول ﵇ للحاجة، كما جاء في قصة موسى ﵇ حينما سأله ربنا ﷿: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى﴾ [طه:١٧-١٨] يدفع عن نفسه الوحوش من الحيوانات، من البشر إلخ، لكن إذا خرج من بيته إلى المسجد، وهو قوي البنية شاب، فلماذا يتكئ عليها؟! لكن أنا أدري ما هو السبب: إنهم أولًا: لا يعرفون هذه القاعدة: التفريق بين سنة العادة وسنة العبادة، سنة العبادة: هي التي نقتدي فيها بالرسول ﵇، أما سنة العادة فلم نكلف باتباع الرسول ﵇ فيها، مثلًا: أنا هنا أنظر أشكالًا وألوانًا من العمائم، واحد وضع عمامة بيضاء وفوقها عقالًا، فهذا خالف السنة بزعمهم، وآخر وضع بيضاء ليس فيها عقال، هذا وافق السنة بزعمهم، وثالث وضع حمراء أو نقاطًا حمراء إلخ، هذا خالف السنة، أو وضع قلنسوة مزخرفة فيها نقوش جميلة، أيضًا خالف السنة! كل هذه القضايا ليس لها علاقة بالسنة التعبدية، هذه سنة العادات سنة العادات تختلف عن سنة العبادات، فهذا هو السبب الأول في أنهم جعلوا الداعية يدعو وهو قائم متكئ على عصا.
السبب الثاني: وهذا يجب أن تحفظوه جيدًا؛ لأنه منهج علمي، أنهم يقرءون في الأحاديث: (العصا سنة الأنبياء) وهذا حديث موضوع، فهم لا يفرقون بين حديث صحيح وحديث ضعيف، فيعتمدون على الحديث الموضوع كما يعتمدون على العصا، وكل هذا الاعتماد ليس بالذي يحسن من مسلم أن يعتمد عليه.
والبحث في الحقيقة طويل وطويل جدًا، لكنني أريد أن أقول: على هؤلاء أن يعنوا بدراسة السنة، فهي كما قال ﵊: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) وأخونا أبو الحارث يبشرنا بأن الخصلة الأخيرة هذه -ما يسمونه بالدينمو- بدأت تقل، وأنا أرجو أن يكون هذا من أثر الدعوة السلفية التي تبصر الناس جميعًا بدينهم، وإن كانوا هم أحزابًا متفرقين، لكنهم من الناحية العلمية لا يستغنون عن التثقف بالثقافة السلفية، أنا أعلم من القديم -وأنا أظن أن هذا نسيًا منسيًا- عن جماعة التبليغ أنهم كانوا إذا جلسوا على مائدة الطعام أو سفرة الطعام بدءوا بالملح، ولو بشيء بسيط، لماذا؟ لأنه هناك حديث: (من بدأ طعامه بالملح كُفي شر سبعين داء) وكذلك حديث: (العصا سنة الأنبياء) حديث لا أصل له؛ ولأنهم يعيشون هكذا سبهللًا بين التراث من الأحاديث التي فيها ما هب ودب مما صح وما لم يصح، فهم يعملون بكل ما يسمعون، ليس عندهم علم، لا أقول بالنسبة للعامة الآن، أنا أعني خاصتهم؛ لأننا قدمنا مثالًا آنفًا حينما تكلمنا عن كتاب حياة الصحابة، وأن فيه ما هب ودب، فهم يستقون من هذا المعين، وفيه الشيء العكر الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
9 / 18