Lessons by Sheikh Al-Albani
دروس للشيخ الألباني
ژانرها
معنى بيع العينة وحكمه
السؤال
ما معنى بيع العينة وما حكمه؟
الجواب
بيع العينة مثله: كأن تريد أن تشتري برادًا، والحقيقة أنك لا تريد أن تشتري برادًا، إنما تريد قروشًا، فتأتي إلى التاجر فتشتري برادًا -مثلًا- بمائة جنيه، وقبل أن يسمي لك الثمن -تأتي معاملة نعتقدها أيضًا غير مشروعة- يقول لك: تريد أن تشتري نقدًا أم تقسيطًا؟ وأنت كما قلنا في صورة بيع العينة لا تريد أن تشتري أصلًا، فتقول له: أنا أريد أن أشتري بالتقسيط، فهذا البراد لو قلت له: أريده نقدًا ربما قال لك: بثمانين أو بتسعين وتقسيطًا يقول لك: مائة، فتقول: سجل عليَّ مائة، انتهى كل شيء وما انتهى أي شيء.
لماذا؟ ستعود أنت وقد اشتريت البراد بائعًا ويعود التاجر البائع لك شاريًا، فتقول له: اشتر أنت مني هذا البراد نقدًا، هو كان يبيعه لك بالتقسيط -مثلًا- بثمانين، فالآن يريد أن يشتريه منك بخمسة وسبعين أو دون ذلك، بحسب ما يناسبه ويناسب جشعه وطمعه، فأنت تأخذ الخمسة والسبعين دينارًا وتنطلق، وقد سجل عليك بذلك مائة دينار، هذه هي صورة بيع العينة.
والعينة مشتقة من عين الشيء وذاته، أي: هذا البراد عينه وذاته بيع واشتري بمجلس واحد، ودون أن يتزحزح من مكانه، وبثمنين مختلفين، ثمن باهظ وهو ثمن البيع الأول، وثمن ناقص وهو ثمن البيع الثاني، كل ذلك لف ودوران واحتيال، كاحتيال اليهود على استحلال ما حرم الله من الربا، فبدل أن يأتي شاري البراد عن طريقة بيع العينة إلى التاجر وهو لا يريد أن يشتري، يقول: يا أخي! أنا بحاجة إلى خمسة وسبعين دينارًا، أعطني اليوم، وأعطيك بعد كذا شهر مائة دينار، هذا ربا مكشوف اليهود ما فعلوها، يدفع بدل خمسة وسبعين مائة! هذا ربا مكشوف، لذلك زين لهم الشيطان سوء أعمالهم وقال لهم: هذا ربا مكشوف، لكن ابحث عن الحكم الشرعي وتوصل إلى مأربك الذي هو أخذ الدين بربا بواسطة بيع العينة، تمامًا كما صح عن الرسول ﵇ أنه قال: (لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم أكل شي حرم ثمنه) ما هو معنى الحديث؟ حرم الله على اليهود الشحوم، كما قال مشيرًا إلى ذلك: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾ [النساء:١٦٠] ومنها: شحوم الدابة الذبيحة، فكان محرمًا عليهم أن ينتفعوا بالشحم، يرمونه أرضًا كما يرمون القاذورات ونحوها مما لا يستفاد منه، فصبر اليهود على ذلك مدة، ثم وسوس لهم الشيطان فقال لهم: كيف تضيعون هذه الشحوم هكذا أرضًا؟ خذوها وضعوها في الأواني الضخمة -الحلل- وأوقدوا النار من تحتها حتى تذوب هذه الشحوم وتعطي شكلًا جديدًا، فتستطيعون أن تبيعوها وتنتفعوا بأثمانها، وكذلك فعلوا، فاستحقوا بهذا السبب كغيره من الأسباب لعنة الله ﷿ عليهم ما الفرق بين الشحم قبل أن يذوب وبين الشحم بعد ما يذوب؟ هو شحم من قبل وهو شحم من بعد، هذا لا يشك فيه عاقل إطلاقًا، لكن هكذا الشيطان زين لهم هذا التغيير لاستحلال ما حرم الله ﷿ ما الفرق بين أن يعطي التاجر الرجل المحتاج للمال خمسة وسبعين ليوفيها بعد ذلك مائة، وبين إدخال الوسيط بينهما والنتيجة واحدة لا تختلف؟ أخذ خمسة وسبعين وسيوفيها مائة، هل هذا حلال؟ حاشا لله! ولذلك جاء في حديث في سنده عندي شيء من الضعف، وقد جود إسناده الحافظ ابن كثير ﵀ أن الرسول ﵇ قال: (لا ترتكبوا الحيل كما فعلت يهود)، وقد وقع المسلمون في مثل هذا الاحتيال في كثير من الأمور، هناك أناس عندنا كانوا تجارًا، وأعرف أحدهم وهو تاجر في السوق، يأتي الفقير فيحمله كيس سكر وفيه عشرات الجنيهات الذهبية، يقول: خذ هذا الكيس زكاة مالي، فيهتم الرجل؛ لأنه لا يستطيع أن يحمل الكيس، يحاول أن يبحث عن حمال، فيقول له: أنا أشتري منك الكيس بدلًا من أن تحمله إلى البيت، فيدفع له ثمن الكيس وفيه ما يساوي مائة كيس، هذا بظنه أنه أدى زكاة ماله وطهر نفسه، وهو بالعكس خبثها، ولو أبقى هذه الجنيهات في صندوقه كان أقل شرًا له، لا أقول خيرًا له من هذه الحيلة الشيطانية.
فبيع العينة: هو بيع الشيء في مجلس واحد مرتين بثمنين متباينين، كوسيط لاستحلال الربا المكشوف.
8 / 14