Lessons by Sheikh Al-Albani

Naser al-Din al-Albani d. 1420 AH
122

Lessons by Sheikh Al-Albani

دروس للشيخ الألباني

ژانرها

فهم الدين على طريقة السلف الصالح المفهوم الصحيح للدين لا يمكن أخذه من واقع المسلمين اليوم؛ لأنهم مختلفون أشد الاختلاف، وإنما يجب أن نأخذ المفهوم الصحيح للدين مما كان عليه رسول الله ﷺ، وما كان عليه الصحابة، وما كان عليه السلف الصالح، لقد أشار الرسول ﵇ إلى هذه الحقيقة في الحديث السابق، لكن مع الأسف قل من يتنبه لهذه الإشارة، وهي في الواقع أن تسمى: صريح العبارة، أولى من أن يقال: إنها إشارة، حين قال جوابًا للسائل: من هي الفرق الناجية؟ قال: (هي الجماعة) (هي ما أنا عليه وأصحابي) كذلك تأكيدًا لهذا المعنى قال ﵊ في حديث العرباض بن سارية المعروف -فيما أظن- لديكم، وفيه يقول الرسول ﵊: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور) . إلى آخر الحديث. نجد في هذا الحديث وفي ذاك أن الرسول ﷺ لم يقتصر على أن يقول: عليكم بسنتي فقط بل قال: (تمسكوا بسنتي وعضوا عليها بالنواجذ)، ولكننا نجده يضم شيئًا آخر إلى هذا الأمر بالتمسك بما كان ﵊، هذا الشيء الآخر هو التمسك بالجماعة، وبما كان عليه أصحاب الرسول ﵊، وبما كان عليه الخلفاء الراشدون، وهذا الذي ذكره الرسول ﵇ في الحديثين كليهما معًا، من الحض على التمسك بشيء -ولو من الناحية التعبيرية- غير ما كان عليه الرسول ﷺ -شيء زائد- حيث قال: (ما أنا عليه وأصحابي) وحيث قال أيضًا: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين)، وهذا التعبير وهذا الذكر في الشيء الآخر مع الرسول ﵊ هو أسلوب قرآني، فالله ﷿ يقول في صريح القرآن: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء:١١٥] الشاهد أن الله ﷿ ذكر هنا في الآية بالإضافة إلى قوله: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ﴾ قال بعد ذلك: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، لماذا جاء بهذه الجملة ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾؟ لماذا لم تكن الآية على النحو الآتي: «وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى» إلى آخر الآية؟ لماذا جاء بجملة ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾؟ إن في ذلك لعبرة بالغة جدًا؛ ذلك لأن كل فرقة وكل طائفة على وجه الأرض اليوم، والتي بلغ عددها ثلاثًا وسبعين أو أكثر أو أقل، لا يهمنا، لكن الطوائف كثيرة وكثيرة جدًا، كل طائفة من هذه الطوائف تدعي أنها على الكتاب والسنة، حتى آخر طائفة جديدة كمذهب يدعون أنهم على الإسلام وعلى الكتاب والسنة، مع أنهم من الذين يقولون بأن النبي عليه الصلاة السلام ليس خاتم الأنبياء، وإنما هناك أنبياء كثر، حتى هؤلاء يقولون: نحن على الكتاب والسنة، وقس على ذلك سائر الفرق قديمًا وحديثًا، فما هو الحكم بين هذه الفرق كلها وكلها تدعي أنها على الكتاب والسنة؟ الجواب في الآية وفي الحديثين السابقين: الآية تقول: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء:١١٥] أي: إن أية طائفة تتبع غير سبيل المؤمنين الأولين الذين كانوا على هدى وعلى بصيرة من دينهم، وإن زعمت هذه الطائفة أنها على الكتاب والسنة، فمادام أنها تخالف طريق المسلمين وجماعة المسلمين فهذا دليل على أنها من الفرق الضالة. كذلك الحديث: (ما أنا عليه وأصحابي)، فكل عقيدة تأتي من طائفة لا يستطيعون إثبات أنها عقيدة الجماعة، أو عقيدة الصحابة، أو عقيدة السلف الصالح؛ فذلك دليل على أن هذه الطائفة هي من الفرق الاثنتين والسبعين من فرق الضلالة التي هي من فرق النار، وحينئذٍ حين قال الرسول ﵊ في الحديث السابق: (لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) إذًا: يجب أن يُفهم أن الدين ليس فقط كما هو الشائع عند إخواننا أهل الحديث في كل بلاد الدنيا، سواءً الذين يسمون بـ أهل الحديث أو يسمون بـ أنصار السنة، أو يسمون بالسلفيين أو غير ذلك من أسماء كلها تدل على حقيقة واحدة ليس الأمر كما هو الشائع عند كثير من إخواننا هؤلاء أن دعوتنا تنحصر في الاعتماد على الكتاب والسنة فقط، ليس هذا فقط، لابد من ضميمة ثالثة قد سبق ذكرها في الحديثين السابقين وأخيرًا في الآية المذكورة، هذه الضميمة الثالثة بعد الكتاب والسنة هي عمل السلف الصالح أو منهج السلف الصالح ثالثًا وأخيرًا، وإن لم تتمسك طائفة تدعي الاعتماد على الكتاب والسنة بهذه الضميمة الثالثة، فذلك دليل على انحرافها مهما زعمت أنها على الكتاب والسنة، من هنا جاء قول ابن قيم الجوزية ﵀: العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه لم يقتصر ابن القيم تبعًا لما أشرنا إليه من نصوص على قوله: أن العلم الصحيح هو قال الله قال رسول الله -الكتاب والسنة- لم يقتصر على هذا، بل عطف على ذلك، فقال: (قال الصحابة) وهذا أمر لابد منه، وعدم التمسك بهذه الضميمة الثالثة باعتقادي هو سبب دمار كل الفرق القديمة والفرق التي تَجِدُّ في كل يوم، فكل يوم نسمع أقوالًا عن طائفة تدعي أنها على الكتاب والسنة، وفعلًا إذا رأيتها رأيتها تصلي على الكتاب والسنة، لا تعرف تعصبًا لحنفي أو مالكي أو شافعي أو حنبلي، ولكن عندما لم يتقيدوا في فهمهم لنصوص الكتاب والسنة على ما كان عليه السلف الصالح، خرجوا عن دائرة أهل السنة والجماعة، وهم يزعمون أنهم على الكتاب والسنة.

8 / 7