269

Lessons by Sheikh Abdul Rahman Al-Sudais

دروس للشيخ عبد الرحمن السديس

ژانرها

قضايا تنم عن سوء الفهم للدين
وهناك قضية خطيرة تنم عن سوء فهم المسلمين لدينهم، ولا يمكن أن يقف المسلمون سدًا منيعًا أمام أعدائهم وينصروا دين الله ﷾ وهم يتجهون إلى الله في أيام ويقبلون على معصيته في بقية العام، فإن هذه رزية وبلية بلي به المسلمون نتيجة الجهل بدين الله، ونتيجة ضعف البصيرة في دينه.
يجب على المسلمين أن يأخذوا من هذه المواسم انطلاقة للأعمال الصالحة، وأن يجعلوها تغيرًا في حياتهم كلها، وفرصة للتوبة إلى الله، والإقلاع عن الذنوب، والتوبة الصادقة منها، والعزم على عدم العودة إليها مرة أخرى.
ومن دنس عقيدته أو تساهل فيها أو كان مفرطًا في الولاء لها والدفاع عنها؛ فعليه أن يبدأ توبة جديدة؛ ليكون جنديًا للدفاع عن هذه العقيدة التي تواجه حربًا لا هوادة فيها من أعداء المسلمين وإن تسموا باسم الإسلام.
كذلك يجب على من قصر في لون من ألوان العبادات لا سيما الصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر أو غير ذلك من الأمور أن يتق الله فيبدأ بالتوبة الصادقة إلى الله جل وعلا؛ لأن من علامة قبول الحسنة إتباعها بالحسنة، أما الرجوع إلى المعاصي بعد الحسنات فإنها أمارة على رد العمل عياذًا بالله.
يقول بعض السلف: إن الله لم يجعل لعمل المسلم أجلًا سوى الموت، وتلا قوله سبحانه: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر:٩٩].
وشتان وهيهات أن يقدم المسلمون الذين أساءوا فهم دينهم وأقبلوا على ربهم في موسم، وهجروا بيوت الله ونسوا الله سبحانه، ونسوا شرعه، ونسوا دينه في بقية حياتهم، هيهات أن يقدموا لأمتهم نصرًا، وهيهات أن يقدموا لأمتهم خيرًا لا سيما في هذا الزمن الذي تكالب فيه أعداء هذه الأمة على اختلاف مقاصدهم، وشعاراتهم للنيل منها، وإبعادها عن دينها، وبث المنكر والفساد في ربوعها، وبين شبابها ومجتمعاتها؛ ليقضوا على البقية الباقية من إيمان هذه الأمة.
إنه لا يمكن أن يقدم المسلمون خيرًا لأمتهم إلا إذا ساروا على ما سار عليه سلفهم، وقد كان سلفهم يعبدون الله ﷾ حتى لو قيل لأحدهم: إن الساعة تقوم غدًا لم يستطع أن يزيد على العمل الذي يعمله شيئًا؛ لأنه عمل كثيرًا ولم يبق إلا مغفرة الله ورحمته.
فما بال المسلمين اليوم على بعدهم عن الله سبحانه، وعلى ما في مجتمعاتهم وما في حياتهم من بعد عن الله، ما بالهم يطلبون النصر من الله جل وعلا وقد فرطوا بأسباب النصر، وأكبر من ذلك الإيمان بالله؟ ولن يعود النصر ولن تصلح حال المسلمين ويستفيدوا من مواسم الحج ومواسم الخير والفضيلة؛ إلا إذا بالإيمان الذي حرك الرعيل الأول من صحابة رسول الله ﵊ الذين كانوا رهبانًا بالليل قيامًا، وعبادةً، وتهجدًا، وطاعة، وقراءة للقرآن، وكانوا أسودًا في النهار في الوغى يقاتلون لإعلاء كلمة الله، فهل المسلمون اليوم يعملون هذه الأعمال أو عشر معشار هذه الأعمال؟!

37 / 8