فلاذت بالصمت، فعاد شهريار يقول: احكي لنا حكاياتك فصناعتنا في الحياة مداواة القلوب الكليمة.
فشكرته ثم قالت: سري لا يباح به يا رجال الله.
وأصرت على الصمت، فاستأذنوا في الانصراف والسلطان ضيق الصدر بصمتها .. ومال على أذن دندان قائلا: آتني بسر هذه المرأة الصامتة.
16
مطالب السلطان جبال ثقال، لا تنزاح عن كاهله حتى يحققها، وهو أعلم بغضبه إذا خاب له مطلب، وما زال السلطان متأرجحا بين الهدى والضلال فلا تؤمن غضبته .. لذلك استدعى حاكم الحي سليمان الزيني .. وصف له موقع دار قوت القلوب، وقال: في الدار امرأة غامضة، ذات صوت عذب، وهم خفي، يريد مولانا السلطان فؤادها صفحة مبسوطة لا خفاء فيها.
زلزلت نفس الزيني، وأدرك أنه مسوق إلى الاعتراف .. سيتحرى دندان عن الحقيقة لدى كل من يأنس عنده قدرة على كشف الأسرار من الرجال، وعلى رأسهم الفضل بن خاقان .. ستهدى إليه الحقيقة عاجلا أو آجلا، فليكن على الأقل صاحب الفضل في الاعتراف تقربا من السلطان .. وهو ذو خلق؛ فلم يطمئن قلبه لحظة بتصرفه ويفضل عنه بأي سبيل.
وأفضى إلى الوزير دندان بمكنون سره.
17
ولما تلقى شهريار الحقيقة من وزيره غضب وهتف: لا بد من ضرب عنقي المعين وجميلة زوجة الزيني.
غير أن غضبه فتر فجأة .. لعله تذكر هروبه ليلا عاريا والإثم يطارده. ولعله تذكر أن الزيني والمعين كانا من خيرة الرجال. على أنه فصل الرجلين من عملهما، وصادر أموالهما، كما أمر بجلد جميلة والمعين .. ووهب قوت القلوب عشرة آلاف دينار، وسألها بعطف: ماذا تطلبين أيضا يا جارية؟
صفحه نامشخص