لواقح الأنوار
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
ناشر
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
سال انتشار
1315 هـ
يا رسول الله أدع الله لي أن لا يميت قلبي، فقال: قل في كل يوم أربعين مرة يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت، وكان يقول: رأيت في المنام حوراء فقلت لها من أنت فقالت: من حور الجنة فقلت: زوجيني نفسك فقالت: اخطبني من سيدي قلت لها فما مهرك قالت: حبس نفسك عن مألوفاتها، وكان رضي الله عنه يقول: النقباء ثلاثمائة، والنجباء سبعون، والأبدال أربعون، والأخيار سبعة، والعمد أربعة، والغوث واحد فمسكن النقباء المغرب والنجباء مصر، والأبدال الشام، والأخيار سياحون في الأرض، والعمد في زوايا الأرض، والغوث مسكنه بمكة فإذا عرض حاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباء ثم النجباء ثم الأبدال ثم الأخيار ثم العمد ثم الغوث فلا يتم الغوث مسألته حتى تجاب دعوته، وكان يقول: الأنس بالمخلوقين عقوبة، والقرب من الدنيا وأبنائها معصية، والرون إليهم مذلة، وكان يقول: العبادة اثنان وسبعون بابا، أحد وسبعون منها في الحياء من الله عز وجل وواحد في جميع أنواع البر وكان يقول: يقول الله تعالى: " ما من عبد أصبح في الدنيا وفي قلبه همان إلا وأنا منه بريء هم المعاصي وهم المال رضي الله عنه ".
ومنهم أبو يعقوب إسحاق بن محمد النهرجوري
رضي الله تعالى عنه
صحب الجنيد، وعمرو بن عثمان المكي، وأبا يعقوب السوسي، وغيرهم من المشايخ أقام بالحرم مجاورا سنين كثيرة، ومات سنة ثلاثين وثلاثمائة رضي الله عنه، ويهان يقول: في معنى قولهم احترسوا من الناس بسوء الظن أي سوء الظن بأنفسكم لا بالناس، وكان يقول: من كان شبعه بالطعام لم يزل جائعا، ومن كان غناه بالمال لم يزل فقيرا، ومن مال باطنه إلى العطاء من الخلق لم يزل محروما، ومن استعان على أمر بغير الله لم يزل مخذولا، وكان يقول: طلب أهل الله الحقائق فسادوا الخلائق، ولذلك قالوا: لا يطلب الحق لأن الطلب لا يكون إلا لمفقود، ولا يطلب دركه لأنه لا غاية له، ومن أراد وجود الموجود فهو مغرور، وإنما الموجود عندنا محرفة حال، وكشف علم بلا حال، وقال في قوله تعالى: " وشروه بثمن بخس دراهم معدودة "، وكانوا فيه من الزاهدين لو جعلوا ثمنه عليه السلام الكونين لكان بخسا في مشاهدته، وما خص به صلى الله عليه وسلم، وكان رضي الله عنه يقول: مشاهدة القلوب تعريف، ومشاهدة الأراوح تحقيق، وكان يقول: أعرف الناس بالله أشدهم فيه. تحيرا، وسئل رضي الله عنه مرة عن التصوف فقال آه آه تلك أمة قد خلت ثم قال رضي الله عنه للسائل: يا أخي زفرات القلوب بودائع الحضور من حيث خاطبها الحق، وهي في صورة الذرة فأخبر عنها بقوله: ألست بربكم قالوا بلى، وكان يقول: ما رأته العيون ينسب إلى العلم، وما رأته القلوب ينسب إلى اليقين، وسئل رضي الله عنه عن الطريق إلى الله تعالى فقال للسائل: اجتنب الجهلاء واصحب العلماء، واستعمل العلم، وداوم الذكر، وأنت إذن من أهل الطريق رضي الله عنه .
ومنهم علي بن محمد المزين
رحمه الله تعالى
صحب سهل بن عبد الله، والجنيد بن محمد، ومن في طبقتهما من البغداديين أقام بمكة مجاورا، ومات بها سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وكان من أورع المشايخ، وأحسنهم حالا، وكان رضي الله عنه يقول: متى ما ظهرت الآخرة فنيت منها الدنيا، ومتى ما ظهر ذكر الله تعالى فنيت فيه الدنيا، والآخرة، وإذا تحققت الأذكار فني العبد، وذكره، وبقي المذكور، وصفاته وسئل رضي الله عنه عن التوحيد فقال: أن توحد الله بالمعرفة، وتوحده بالعبادة، وتوحده بالرجوع إليك في كل مالك، وعليك، وتعلم أن ما خطر بقلبك، أو أمكنك الإشارة إليه، فالله بخلاف ذلك، وتعلم أن أوصافه سبحانه وتعالى مباينة لأوصاف خلقه باينهم بصفاته قدما كما باينوه بصفاتهم حدثا، وكان رضي الله عنه يقول: كانت الطريق إلى الله تعالى بعدد النجوم، وما بقي منها إلا طريق واحد وهي طريق الفقه وهو أنهج الطرق، وكان يقول: من طلب الطريق بنفسه تاه في أول قدم، ومن أريد به الخير دل على الطريق رأى عين حتى بلغ المقصد، وكان يقول: المعجب بعمله مستدرج، والمستحسن لأحواله السيئة ممكور به، ومن ظن أنه موصول فهو مغرور، وأحسن العبيد حالا من كان مجهولا في أحواله لا يشاهد غير واحد، ولا يستأنس إلا به، ولا يشتاق إلا إليه، وكان يقول: من أعرض عن مشاهدة ربه سبحانه وتعالى، شغله الله تعالى بطاعته، وخدمته ومن بدا له نجم الاحتراق غيبه عن وساوس الافتراق، وكان رضي الله عنه يقول: لو زكيت
صفحه ۹۵