لواقح الأنوار
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
ناشر
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
سال انتشار
1315 هـ
نزلوا عن هذا الحد فقد تكلموا في المعرفة فأكثروا رضي الله عنه أجمعين.
ومنهم أبو عبد الله الشجري
رحمه الله تعالى آمين
صحب أبا حفص الحداد، وهو من كبار مشايخ خراسان قطع البادية مرارا على التوكل رضي الله عنه.
ومن كلامه رضي الله عنه: من لم يقدس فعله لم يقدس بدنه، ومن لم يقدس بدنه لم يقدس قلبه، ومن لم يقدس قلبه لم يقدس نيته، والأمور كلها مبنية على النية، وكان يقول: علامة الأولياء ثلاثة تواضع عن رفعة، وزهد عن قدرة، وإنصاف عن قوة، وكان رضي الله عنه يقول: بئس العبد عبد عصى الله بقلبه، وجوارحه ثم اعتذر إليه بلسانه من غير رجوع إليه.
قلت: والمراد بالرجوع إلى الله تعالى انكشاف حجاب العبد عن عجزه بحيث يعلم أن الأمر من الله تقديرا لا محيص له عن فعله، ولا قوة له على دفعه بقرينة حديث " إذا أذنب العبد فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ به " الحديث، والله أعلم.
وكان يقول: لا تعير أحدا حتى تتيقن أن ذنوبك مغفورة، وذلك لا يصح لك وكان يقول: أنفع شيء للمريد صحبة الصالحين، والاقتداء بهم في أفعالهم، وأقوالهم، وأخلاقهم، وشمائلهم، وزيارات قبور الأولياء، والقيام بخدمة الأصحاب، والرفقاء وكان رضي الله عنه يقول: لا ينبغي لبس المرقعة إلا للفتيان قيل، ومن هم قال: من لا يشغلهم شيء عن الله عز وجل رضي الله عنهم أجمعين.
ومنهم محفوظ بن محمود النيسابوري
رضي الله تعالى عنه
من أصحاب أبي حفص النيسابوري، وكان من قدماء مشايخ نيسابور، وأجلتهم، وصحب أبا عثمان الحيري إلى أن مات، وكان من أورع المشايخ، وألزمهم لطريقة المتقدمين، وصحب أيضا حمدون القصار، وسلاما الباروسي، وعليا النصراباذي، وغيرهم من المشايخ .
مات سنة ثلاث أو أربع وثلاثمائة بنيسابور، ودفن بجانب أبي حفص، وكان يقول: التائب هو الذي يتوب عن طاعاته فضلا عن غفلاته، وكان يقول: لا تزن الخلق بميزان نفسك تهلك إنما ينبغي لك أن تزنهم لتعلم فضل الناس، وإفلاسك، وكان يقول: من ظن بمسلم فتنة فهو المفتون، وكان يقول: من أراد أن يبصر طريقا من طريق رشده، فليتهم نفسه في الموافقات فضلا عن المخالفات والله أعلم.
ومنهم طاهر المقدسي
رضي الله تعالى عنه
وهو من أجلة مشايخ الشام، وقدمائهم رأى ذا النون المصري، وصحب يحيى الجلاء، وكان عالما وهو الذي سماه الشبلي رضي الله عنه حبر الشام.
ومن كلامه رضي الله عنه إنما سميت الصوفية بهذا الاسم، لاستتارها عن الخلق بلوائح الوجد، وانكشافها بشمائل الفضل، وكان رضي الله عنه يقول: لا يطيب العيش إلا لمن وطئ على بساط الأنس، وعلا على سرير القدس، وغيبه الأنس بالقدس، والقدس بالأنس، ثم غاب عن مشاهدتهما بمطالعة القدوس وكان يقول: المفاوز إليه منقطعة، والطرق إليه منطمسة فالعاقل من وقف حيث وقف العوام والسلام.
ومنهم أبو عمرو الدمشقي
رضي الله تعالى عنه
وهو أوحد مشايخ الشام، وكان علماء الشام كلهم يذعنون إليه لا سيما في علوم الحقائق صحب أبا عبد الله محمد بن الجلاء، وأصحاب في النون وله كتاب في الرد على من قال بقدم الأرواح.
مات سنة عشرين وثلاثمائة.
ومن كلامه رضي الله عنه: إن الله تعالى افترض على الأولياء كتمان الكرامات لئلا يفتتن بها الخلق، وأوجب على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إظهارها بيانا، وبرهانا بالحق، وكان يقول: التصوف غض الطرف عن كل ناقص ليشاهد من هو منزه عن كل نقص وكان يقول: مقام الخطرات بعيد عن مقام الوطنات لأن الخواطر تلمع، ثم تخفى، والوطنات تبدو ثم تثبت، والدعاوى تتولد من الخواطر، وذلك لأن المدعي يظن أن ما لاح ثبت، ولا دعوى لصاحب الوطنات بحال، وكان رضي الله عنه يقول: استحسان الكون على العموم دليل على صحة المحبة، واستحسانه على الخصوص يؤدي إلى الفتن ، والظلمات والله أعلم.
ومنهم أبو بكر بن محمد حامد الترمذي
رضي الله عنه
هو من أجل مشايخ خراسان، وأطهرهم خلقا، وأحسنهم سياسة لقي قدماء المشايخ ببلخ مثل أحمد بن حضرويه، ومن دونه، وله أصحاب ينتمون إليه.
ومن كلامه رضي الله عنه إذا مكثت الأنوار في السر نطقت الجوارح بالبر، وكان يقول: إنكار الآيات للأولياء في قلوب الجهال من ضيق صدورهم عن المصادر، وبعد علومهم عن موارد الحكمة، والقدرة، وكان رضي الله عنه يقول: الولي دائما في ستر حاله،
صفحه ۸۶