لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
ناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
شماره نسخه
الثانية-١٤٠٢ هـ
سال انتشار
١٩٨٢ م
محل انتشار
دمشق
بِهَا لِلِانْتِقَالِ مِنْ أُسْلُوبٍ إِلَى غَيْرِهِ، أَيْ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ. وَيُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الْخُطَبِ وَالْمُكَاتَبَاتِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَأْتِي بِهَا فِي خُطَبِهِ وَمُكَاتَبَاتِهِ لِلْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ. وَنَقَلَ الْإِمَامُ الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ الْمَرْدَاوِيُّ الْحَنْبَلِيُّ فِي كِتَابِهِ شَرْحِ التَّحْرِيرِ أَنَّهُ نَقَلَ إِتْيَانَهُ ﷺ بِأَمَّا بَعْدُ فِي خُطَبِهِ وَنَحْوِهَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ صَحَابِيًّا. وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ نَطَقَ بِهَا، فَقِيلَ دَاوُدُ ﵇، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهَا فَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي أُوتِيَهُ ; لِأَنَّهَا تَفْصِلُ بَيْنَ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْمَقَاصِدِ، وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِهَا يَعْقُوبُ، وَقِيلَ: أَيُّوبُ، وَقِيلَ: سُلَيْمَانُ ﵈، وَقِيلَ: قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيُّ، وَقِيلَ: كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ، وَقِيلَ: يَعْرِبُ بْنُ قَحْطَانَ، وَقِيلَ: سَحْبَانُ وَائِلٍ.
وَعَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ فَفَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي أُوتِيَهُ دَاوُدُ ﵇: " الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ". وَالْأَوَّلُ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهَا دَاوُدُ ﵇ أَشْبَهُ، كَمَا قَالَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ لَكِنَّ نِسْبَةَ أَوَّلِيَّةِ ذَلِكَ لِسَحْبَانَ وَائِلٍ سَاقِطٌ جِدًّا. نَعَمْ، زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ سَحْبَانَ أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِهَا فِي الشِّعْرِ، حَيْثُ قَالَ:
لَقَدْ عَلِمَ الْقَوْمُ الْيَمَانُونَ أَنَّنِي ... إِذَا قُلْتُ أَمَّا بَعْدُ أَنِّي خَطِيبُهَا
وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الشَّمْسُ الْمَيْدَانِيُّ مَعَ زِيَادَةِ آدَمَ ﵇ فَقَالَ:
جَرَى الْخُلْفُ أَمَّا بَعْدُ مَنْ كَانَ بَادِئًا ... بِهَا عَدَّ أَقْوَالًا وَدَاوُدُ أَقْرَبُ
وَيَعْقُوبُ أَيُّوبُ الصَّبُورُ وَآدَمُ ... وَقُسٌّ وَسَحْبَانُ وَكَعْبٌ وَيَعْرِبُ
[معنى لفظ التوحيد]
(فَاعْلَمْ) الْفَاءُ فِي جَوَابِ الْوَاوِ النَّائِبَةِ عَنْ أَمَّا لِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الشَّرْطِ، وَالْعِلْمُ صِفَةٌ يُمَيِّزُ الْمُتَّصِفُ بِهَا بَيْنَ الْجَوَاهِرِ وَالْأَجْسَامِ وَالْأَعْرَاضِ، وَالْوَاجِبِ وَالْمُمْكِنِ وَالْمُمْتَنِعِ، تَمْيِيزًا جَازِمًا مُطَابِقًا (أَنَّ كُلَّ الْعِلْمِ) أَيْ سَائِرَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَكَذَا الْعَقْلِيَّةِ بِأَنْوَاعِهَا وَتَفَارِيعِهَا مِنْ أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا، (كَالْفَرْعِ لِـ) عِلْمِ (التَّوْحِيدِ) الْمُتَفَرَّعِ عَلَيْهِ، وَالنَّاشِئِ عَنْهُ، الْمَنْظُورِ إِلَيْهِ، وَالْمُقْتَبَسِ مِنْهُ، (فَاسْمَعْ) سَمَاعَ فَهْمٍ وَعِرْفَانٍ، وَقَبُولٍ وَإِذْعَانٍ، " نَظْمِي " لِأُمَّهَاتِ مَسَائِلِهِ وَمُهِمَّاتِ دَلَائِلِهِ. وَالتَّوْحِيدُ تَفْعِيلٌ لِلنِّسْبَةِ كَالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ، لَا لِلْجَعْلِ
1 / 56