304

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

ناشر

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

ویراست

الثانية

سال انتشار

۱۴۰۲ ه.ق

محل انتشار

دمشق

رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنِ الْقَدَرِ، قَالَ: طَرِيقٌ مُظْلِمٌ لَا تَسْلُكْهُ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنِ الْقَدَرِ، قَالَ: بَحْرٌ عَمِيقٌ لَا تَلِجْهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنِ الْقَدَرِ، قَالَ: سِرُّ اللَّهِ خَفِيَ عَلَيْكَ فَلَا تُفْشِهِ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنِ الْقَدَرِ - وَسَاقَ الْكَلَامَ فِي جَوَابِ السَّائِلِ، إِلَى أَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا السَّائِلُ تَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِمَنْ؟ قَالَ: إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، قَالَ: أَفَتَعْلَمُ مَا فِي تَفْسِيرِهَا؟ قَالَ: تُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: إِنَّ تَفْسِيرَهَا لَا يَقْدِرُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَلَا تَكُونُ لَهُ قُوَّةٌ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فِي الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا إِلَّا بِاللَّهِ، أَيُّهَا السَّائِلُ أَلَكَ مَعَ اللَّهِ مَشِيئَةٌ، أَوْ فَوْقَ اللَّهِ مَشِيئَةٌ، أَوْ دُونَ اللَّهِ مَشِيئَةٌ؟ فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّ لَكَ دُونَ اللَّهِ مَشِيئَةً، اكْتَفَيْتَ بِهَا عَنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ، وَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّ لَكَ فَوْقَ اللَّهِ مَشِيئَةً، فَقَدِ ادَّعَيْتَ أَنَّ قُوَّتَكَ وَمَشِيئَتَكَ غَالِبَتَانِ عَلَى قُوَّةِ اللَّهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّ لَكَ مَعَ اللَّهِ مَشِيئَةً، فَقَدِ ادَّعَيْتَ مَعَ اللَّهِ شِرْكًا فِي مَشِيئَتِهِ. الْأَثَرُ الْمَرْوِيُّ بِطُولِهِ، وَالْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَأَمَّا ذَمُّ الْقَدَرِيَّةِ فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " «الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ» " وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَرِجَالُهُ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ، لَكِنْ ذَكَرَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ أَنَّ فِي سَنَدِهِ انْقِطَاعًا، وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ الْقَطَّانِ الْفَاسِيَّ الْحَافِظَ صَحَّحَ سَنَدَهُ، وَقَالَ: إِنَّ أَبَا حَازِمٍ عَاصَرَ ابْنَ عُمَرَ وَكَانَ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ، وَمُسْلِمٌ يَكْتَفِي فِي الِاتِّصَالِ بِالْمُعَاصِرَةِ، فَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. قُلْتُ: وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ " الْمَوْضُوعَاتِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ وَلَفْظُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسًا، وَمَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْقَدَرِيَّةُ، فَلَا تَعُودُوهُمْ إِذَا مَرِضُوا وَلَا تُصَلُّوا عَلَيْهِمْ إِذَا مَاتُوا» " رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ.
وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ، وَتَعَقَّبَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ بِأَنَّ جَعْفَرَ بْنَ الْحَارِثِ الَّذِي أَعَلَّهُ بِهِ قَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، فَقَالَ: لَمْ أَرَ فِي أَحَادِيثِهِ حَدِيثًا مُنْكَرًا، أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ

1 / 304