لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
ناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
۱۴۰۲ ه.ق
محل انتشار
دمشق
ژانرها
عقاید و مذاهب
أَبُو الْحَسَنِ، وَالْمُعْتَزِلَةُ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ، احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالصِّحَّةِ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ التَّصْدِيقُ، وَقَدْ وُجِدَتْ مِنْ غَيْرِ اقْتِرَانِهِ بِمُوجِبٍ مِنْ مُوجِبَاتِ الْكُفْرِ، فَإِنْ قِيلَ: لَا يُتَصَوَّرُ التَّصْدِيقُ بِدُونِ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ إِمَّا ذَاتِيٌّ لِلتَّصْدِيقِ أَوْ شَرْطٌ لَهُ، وَلَا عِلْمَ لِلْمُقَلِّدِ لِأَنَّهُ اعْتِقَادٌ جَازِمٌ مُطَابِقٌ مُسْتَنِدٌ إِلَى سَبَبٍ مِنْ ضَرُورَةٍ أَوِ اسْتِدْلَالٍ، فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي التَّصْدِيقِ هُوَ الْيَقِينُ، أَعْنِي الِاعْتِقَادَ الْجَازِمَ الْمُطَابِقَ بَلْ رُبَّمَا يَكْتَفِي بِالْمُطَابَقَةِ، وَيَجْعَلُ الظَّنَّ الْغَالِبَ الَّذِي لَا يَخْطُرُ مَعَهُ النَّقِيضُ بِالْبَالِ فِي حُكْمِ الْيَقِينِ. انْتَهَى.
[التنبيه الرابع اختلاف القائلين بعدم صحة إيمان المقلد]
(الرَّابِعُ) قَالَ السَّعْدُ: اعْلَمْ بِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ صِحَّةِ إِيمَانِ الْمُقَلِّدِ أَوْ لَيْسَ بِنَافِعٍ اخْتَلَفُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يُشْتَرَطُ ابْتِنَاءُ الِاعْتِقَادِ (عَلَى اسْتِدْلَالٍ عَقْلِيٍّ) فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ بَلْ يَكْفِي ابْتِنَاؤُهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ عُرِفَتْ رِسَالَتُهُ بِالْمُعْجِزَةِ مُشَاهَدَةً أَوْ تَوَاتُرًا، أَوْ عَلَى الْإِجْمَاعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بُدَّ مِنَ ابْتِنَاءِ الِاعْتِقَادِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنَ الْأُصُولِ عَلَى دَلِيلٍ عَقْلِيٍّ، لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ الِاقْتِدَارُ عَلَى التَّعْبِيرِ عَنْهُ وَلَا عَلَى مُجَادَلَةِ الْخُصُومِ، وَتَقَدَّمَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ مِنْ هَذَا قَرِيبًا.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بُدَّ مَعَ ابْتِنَاءِ الِاعْتِقَادِ عَلَى الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ مِنَ الِاقْتِدَارِ عَلَى مُجَادَلَةِ الْخُصُومِ، وَحَلِّ مَا يُورَدُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِشْكَالَاتِ - قَالَ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُعْتَزِلَةُ فَلَمْ يَحْكُمُوا بِإِيمَانِ مَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يَحْكُمُ أَبُو هَاشِمٍ بِكُفْرِهِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ الْعَنْبَرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ شُيُوخِ الْمُعْتَزِلَةِ جَوَازُ التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ النَّظَرُ اكْتِفَاءً بِالْعَقْدِ الْجَازِمِ. فَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ. وَاتَّضَحَ أَنَّ الْمُرَجَّحَ صِحَّةُ إِيمَانِ الْمُقَلِّدِ عِنْدَ مُحَقِّقِي كُلِّ طَائِفَةٍ بِشَرْطِ الْجَزْمِ وَعَدَمِ التَّزَلْزُلِ وَالشَّكِّ، عَلَى أَنَّا نَقُولُ: الْمُخْتَارُ أَنَّ الرَّاجِعَ إِلَى أَخْبَارِ الرَّسُولِ، وَالْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ، وَالْإِجْمَاعِ لَيْسَ بِمُقَلِّدٍ، فَمَنْ شَهِدَ لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَلِمُحَمَّدٍ ﷺ بِالرِّسَالَةِ، وَنَهَجَ سَبِيلَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ، وَتَرْكِ الْمَحْظُورِ، وَلَمْ يَأْتِ بِمُكَفِّرٍ، فَهُوَ الْمُؤْمِنُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي كِتَابِهِ (تَبْيِينِ كَذِبِ الْمُفْتَرِي، فِيمَا نُسِبَ إِلَى الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ) بِسَنَدِهِ الْمُتَّصِلِ إِلَى أَبِي حَازِمٍ عُمَرَ بْنِ
1 / 275