لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
ناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
۱۴۰۲ ه.ق
محل انتشار
دمشق
ژانرها
عقاید و مذاهب
[صفة الخلق أي التكوين]
«وَ» مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ فَأَثْبَتَهُ السَّلَفُ وَالْمَاتُرِيدِيَّةُ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْكُلَّابِيَّةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ صِفَةُ «خَلْقِهِ»، لَكِنَّ الْأَشْعَرِيَّةَ وَنَحْوَهُمْ يُثْبِتُونَ لَهُ تَعَالَى الصِّفَاتَ السَّبْعَ الْمُتَقَدِّمَةَ، وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَتَنْفِي قِيَامَ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ بِهِ، وَتُسَمِّي الصِّفَاتَ أَعْرَاضًا وَالْأَفْعَالَ حَوَادِثَ، وَيَقُولُونَ لَا تَقُومُ بِهِ تَعَالَى الْأَعْرَاضُ وَلَا الْحَوَادِثُ، فَيَتَوَهَّمُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ أَنَّهُمْ يُنَزِّهُونَ اللَّهَ تَعَالَى عَنِ النَّقَائِضِ وَالْعُيُوبِ وَالْآفَاتِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ تَنْزِيهَهُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَنَقْصٍ وَآفَةٍ، فَإِنَّهُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الصَّمَدُ الْكَامِلُ فِي كُلِّ نَعْتٍ مِنْ نُعُوتِ الْكَمَالِ، كَمَالًا لَا يُدْرِكُ الْخَلْقُ حَقِيقَتَهُ، مُنَزَّهًا عَنْ كُلِّ نَقْصٍ تَنْزِيهًا لَا يُدْرِكُ الْخَلْقُ كَمَالَهُ، وَكُلُّ كَمَالٍ يَثْبُتُ لِمَوْجُودٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِلْزَامِ نَقْصٍ فَالْخَالِقُ تَعَالَى أَحَقُّ (بِهِ وَأَكْمَلُ فِيهِ مِنْهُ، وَكُلُّ نَقْصٍ تَنَزَّهَ عَنْهُ مَخْلُوقٌ فَالْخَالِقُ أَحَقُّ) بِتَنْزِيهِهِ عَنْهُ وَأَوْلَى بِبَرَاءَتِهِ مِنْهُ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ - فِي مَسْأَلَةِ حُسْنِ إِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِخَلْقِ الْخَلْقِ وَإِنْشَاءِ الْأَنَامِ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ غَيْرِ وَاحِدٍ كَعُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ، وَالْبَيْهَقِيِّ، وَغَيْرِهِمْ فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (الصَّمَدُ) قَالَ: السَّيِّدُ الَّذِي كَمُلَ فِي كُلِّ سُؤْدُدِهِ، وَالشَّرِيفُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي شَرَفِهِ، وَالْعَظِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عَظْمَتِهِ، وَالْحَكِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِكْمَتِهِ، وَالْغَنِيُّ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي غِنَاهُ، الْجَبَّارُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي جَبَرُوتِهِ، وَالْعَالِمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عِلْمِهِ، وَالْحَلِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِلْمِهِ، وَهُوَ الَّذِي كَمُلَ فِي أَنْوَاعِ الشَّرَفِ وَالسُّؤْدُدِ، وَهُوَ اللَّهُ ﷿، هَذِهِ صِفَتُهُ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لَهُ، لَيْسَ لَهُ كُفُؤٌ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ.
قَالَ وَهَذَا التَّفْسِيرُ ثَابِتٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، (عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْوَالِبِيِّ، لَكِنْ يُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعِ التَّفْسِيرَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ ثَابِتٌ عَنِ السَّلَفِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: الصَّمَدُ الْكَامِلُ فِي صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَثَبَتَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: الصَّمَدُ السَّيِّدُ الَّذِي انْتَهَى سُؤْدُدُهُ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ وَمَا أَشْبَهَهَا لَا تُنَافِي مَا قَالَهُ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ كَسَعِيدِ بْنِ
1 / 251