لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
ناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
۱۴۰۲ ه.ق
محل انتشار
دمشق
ژانرها
عقاید و مذاهب
وَلَا يُمْكِنُ أَحَدًا أَنْ يَنْقُلَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ نَفَى ذَلِكَ أَوْ أَخْبَرَ بِهِ
وَأَمَّا نَقْلُ الْإِثْبَاتِ عَنْ هَؤُلَاءِ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى، فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ هُوَ النَّفْيَ دُونَ الْإِثْبَاتِ، وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ إِنَّمَا دَلَّ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَلَمْ يُذْكَرِ النَّفْيُ أَصْلًا، لَزِمَ أَنَّ يَكُونَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ لَمْ يَنْطِقُوا بِالْحَقِّ فِي هَذَا الْبَابِ، بَلْ نَطَقُوا بِمَا يَدُلُّ إِمَّا نَصًّا وَإِمَّا ظَاهِرًا عَلَى الضَّلَالِ وَالْخَطَأِ الْمُنَاقِضِ لِلْهُدَى وَالصَّوَابِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ هَذَا فِي الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ فَلَهُ أَوْفَرُ حَظٍّ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥]، فَإِنَّ الْقَائِلَ إِذَا قَالَ: هَذِهِ النُّصُوصُ أُرِيدَ بِهَا خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْهَا أَوْ خِلَافُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ إِثْبَاتُ عُلُوِّ اللَّهِ نَفْسَهُ عَلَى خَلْقِهِ وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ عُلُوُّ الْمَكَانَةِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ
فَيُقَالُ لَهُ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَ لِلنَّاسِ الْحَقَّ الَّذِي يَجِبُ التَّصْدِيقُ بِهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، بَلْ وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مَا يَدُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَمْ يُرَدْ بِهِ مَفْهُومُهُ وَمُقْتَضَاهُ، فَإِنَّهُ غَايَةُ مَا يَقْدِرُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْمَجَازِ الْمُخَالِفِ لِلْحَقِيقَةِ، وَالْبَاطِنِ الْمُخَالِفِ لِلظَّاهِرِ، وَمَعْلُومٌ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ أَنَّ الْمُخَاطِبَ الْمُبَيِّنَ إِذَا تَكَلَّمَ بِمَجَازٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقْرِنَ بِخِطَابِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِرَادَةِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ، فَإِذَا كَانَ الرَّسُولُ الْمُبَلِّغُ الْمُبَيِّنُ الَّذِي بَيَّنَ لِلنَّاسِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ - عَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَلَامِ خِلَافُ مَفْهُومِهِ وَمُقْتَضَاهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرِنَ بِخِطَابِهِ مَا يَصْرِفُ الْقُلُوبَ عَنْ فَهْمِ الْمَعْنَى الَّذِي لَمْ يُرَدْ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ بَاطِلًا لَا يَجُوزُ اعْتِقَادُهُ فِي اللَّهِ.
فَإِنَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ أَنْ يَعْتَقِدُوا فِي اللَّهِ مَا لَا يَجُوزُ اعْتِقَادُهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَخُوفًا عَلَيْهِمْ، وَلَوْ لَمْ يُخَاطِبْهُمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ خِطَابُهُ هُوَ الَّذِي يَدُلُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ الَّذِي يَقُولُ النُّفَاةُ أَنَّهُ اعْتِقَادٌ بَاطِلٌ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَابِ وَلَا السُّنَّةِ وَلَا كَلَامِ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مَا يُوَافِقُ قَوْلَ النُّفَاةِ أَصْلًا، بَلْ هُمْ دَائِمًا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا بِالْإِثْبَاتِ امْتَنَعَ حِينَئِذٍ أَنْ لَا يَكُونَ مُرَادُهُمُ الْإِثْبَاتَ، وَأَنْ يَكُونَ النَّفْيُ هُوَ الَّذِي يَعْتَقِدُونَهُ وَيَعْتَمِدُونَهُ، وَهُمْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ قَطُّ، وَلَمْ يُظْهِرُوهُ، وَإِنَّمَا أَظْهَرُوا مَا يُخَالِفُهُ وَيُنَافِيهِ.
وَهَذَا كَلَامٌ مَتِينٌ لَا مَخْلَصَ لِأَحَدٍ عَنْهُ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ -: لَكِنَّ لِلْجَهْمِيَّةِ الْمُتَكَلِّمَةِ هُنَا كَلَامٌ وَلِلْجَهْمِيَّةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ كَلَامٌ
أَمَّا الْمُتَفَلْسِفَةُ وَالْقَرَامِطَةُ
1 / 194