160

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

ناشر

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

ویراست

الثانية

سال انتشار

۱۴۰۲ ه.ق

محل انتشار

دمشق

بِرَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ هَذَيَانٌ مِنْ قَائِلِيهِ.
" الثَّالِثَةُ " زَعَمَتْ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِشَيْءٍ غَيْرُ الْعِلْمِ بِآخَرَ، فَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِالْغَيْرِ، وَغَيْرُهُ غَيْرُ مُتَنَاهٍ، يَلْزَمُ قِيَامُ الْعُلُومِ الْغَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ بِذَاتِهِ، وَهُوَ يُوجِبُ الْكَثْرَةَ فِي الذَّاتِ، وَهُوَ مُحَالٌ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْكَثْرَةَ فِي الْمَعْلُومَاتِ وَالتَّعَلُّقَاتِ دُونَ الْعِلْمِ وَهَذَا بَيِّنٌ.
«الرَّابِعَةُ» زَعَمَتْ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَعْلَمُ الشَّيْءَ الْغَيْرَ الْمُتَنَاهِي لِأَنَّ كُلَّ مَعْلُومٍ مُتَمَيِّزٌ عِنْدَ الْعَالِمِ عَنْ غَيْرِهِ، وَتَمَيُّزُ غَيْرِ الْمُتَنَاهِي لَا يَكُونُ بِأَنْ يُحِيطَ بِهِ حَدٌّ وَغَايَةٌ يَكُونُ الْغَيْرُ خَارِجًا عَنْهُ وَمُتَمَيِّزًا، وَغَيْرُ الْمُتَنَاهِي لَا يَكُونُ لَهُ حَدٌّ وَغَايَةٌ وَإِلَّا يَكُونُ مُتَنَاهِيًا.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْقُولَ (؟) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ تَنَاهٍ وَهُوَ مُتَمَيِّزٌ وَمَا هُوَ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ إِنَّمَا هُوَ الْكُلُّ مِنْ حَيْثُ هُوَ غَيْرُ مُتَنَاهٍ، وَهُوَ لَا يَقْدَحُ فِي الْمَطْلُوبِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ عِلْمُهُ بِغَيْرِ الْمُتَنَاهِي، وَهُوَ حَاصِلٌ عِنْدَ الْعِلْمِ بِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ.
" الْخَامِسَةُ " زَعَمَتْ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا، وَقَالَتْ: وَإِلَّا لَزِمَ مَنْ عِلْمِهِ بِشَيْءٍ عِلْمُهُ بِالْعِلْمِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَهَلُمَّ جَرَّا، فَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا التَّسَلْسُلَ فِي الْإِضَافَاتِ وَالنِّسَبِ، وَهُوَ غَيْرُ مُحَالٍ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
" التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ " مَعْنَى تَعَلُّقِ عِلْمِهِ تَعَالَى بِالْمُسْتَحِيلِ عِلْمُهُ تَعَالَى بِاسْتِحَالَتِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ تَصَوَّرَ مُتَصَوِّرٌ وُقُوعَهُ لَزِمَهُ مِنَ الْفَسَادِ كَذَا عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بَعْضُ السَّلَفِ بِقَوْلِهِ: عَلِمَ مَا كَانَ، وَعَلِمَ مَا يَكُونُ، وَعَلِمَ مَا لَمْ يَكُنْ أَنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ. وَبِهَذَا تَمَيَّزَ عَنْ عِلْمِنَا بِالْمُسْتَحِيلِ.
" الرَّابِعُ " قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ -: أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ السَّابِقَ مُحِيطٌ بِالْأَشْيَاءِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَلَا مَحْوَ فِيهِ، وَلَا تَغَيُّرَ، وَلَا زِيَادَةَ وَلَا نَقْصَ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ مَا كَانَ، وَمَا يَكُونُ، وَمَا لَا يَكُونُ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ.
قَالَ: وَأَمَّا مَا جَرَى بِهِ الْقَلَمُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، فَهَلْ يَكُونُ فِيهِ مَحْوٌ وَإِثْبَاتٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ. قَالَ: وَأَمَّا الصُّحُفُ الَّتِي بِيَدِ الْمَلَائِكَةِ فَيَحْصُلُ فِيهَا الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ. انْتَهَى.
وَمِثْلُ الْعِلْمِ فِي تَعَلُّقِهِ بِالْوَاجِبِ وَالْجَائِزِ وَالْمُسْتَحِيلِ صِفَةُ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ يَعْنِي الْوَاجِبَ وَالْمُمْكِنَ وَالْمُسْتَحِيلَ.
«يَا خَلِيلِي» أَيْ يَا صَدِيقِي وَمُحِبِّي، مُشْتَقٌّ مِنَ الْخَلَّةِ وَهِيَ تَوْحِيدُ الْمَحَبَّةِ بِالْخَلِيلِ هُوَ الَّذِي يُوَحِّدُ حُبُّهُ لِمَحْبُوبِهِ، وَهِيَ رُتْبَةٌ لَا تَقْبَلُ الْمُشَارَكَةَ، وَلِهَذَا اخْتُصَّ بِهَا الْخَلِيلَانِ إِبْرَاهِيمُ وَمُحَمَّدٌ ﷺ. وَقَالَ الْإِمَامُ

1 / 160