لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
ناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
۱۴۰۲ ه.ق
محل انتشار
دمشق
ژانرها
عقاید و مذاهب
قَالَ: اعْلَمْ أَنَّ التَّأْثِيرَ إِذَا فُسِّرَ بِوُجُودِ شَرْطِ (الْحَادِثِ أَوْ بِسَبَبٍ - ١) يَتَوَقَّفُ حُدُوثُ الْحَادِثِ بِهِ (٢) عَلَى سَبَبٍ آخَرَ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعَ وَكُلُّ ذَلِكَ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى فَهَذَا حَقٌّ، وَتَأْثِيرُ قُدْرَةِ الْعَبْدِ فِي مَقْدُورِهَا ثَابِتٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَإِنْ فُسِّرَ التَّأْثِيرُ بِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ مُسْتَقِلٌّ بِالْأَثَرِ مِنْ غَيْرِ مُشَارِكٍ مُعَاوِنٍ، وَلَا مُعَاوِقٍ مَانِعٍ، فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ مُؤَثِّرًا، بَلِ اللَّهُ وَحْدَهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَلَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا نِدَّ لَهُ، فَمَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [فاطر: ٢]، ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ﴾ [سبأ: ٢٢] ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبأ: ٢٣] الْآيَةَ.
وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْمَقَامُ مُشْتَمِلًا عَلَى هَذَا الْغُمُوضِ وَالنِّزَاعِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَأَضْعَافِ أَضْعَافِهِ مِمَّا لَمْ نَذْكُرْهُ، حَسُنَ قَوْلُهُ فِي تَتِمَّةِ الْبَيْتِ «فَعِي» مِنْ وَعَاهُ يَعِيهِ حَفِظَهُ وَجَمَعَهُ كَأَوْعَاهُ أَيِ اجْمَعْ حَوَاشِيَ هَذَا الْكَلَامِ، وَاحْفَظْ مَضْمُونَ هَذَا النِّظَامِ، «وَاسْتَبِنْ» أَيِ اطْلُبِ الْبَيَانَ مِنْ مَظَانِّهِ، وَالْإِيضَاحَ مِنْ مَكَامِنِهِ؛ فَإِنَّ قُدْرَتَهُ تَعَالَى الْقَدِيمَةَ، وَإِرَادَتَهُ الْأَزَلِيَّةَ الذَّاتِيَّةَ الْعَظِيمَةَ كُلٌّ مِنْهَا إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُمْكِنِ الْجَائِزِ، كَمَا فِي التَّفْصِيلِ دُونَ الْوَاجِبِ وَالْمُسْتَحِيلِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِسَوَاءِ السَّبِيلِ.
[متعلق العلم والكلام]
«وَالْعِلْمُ» أَيْ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى، «وَالْكَلَامُ» أَيْ كَلَامُهُ ﷾، أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدِيمٌ، فَعِلْمُهُ تَعَالَى وَاحِدٌ وُجُودِيٌّ قَدِيمٌ بَاقٍ ذَاتِيٌّ، وَكَلَامُهُ تَعَالَى قَدِيمٌ وُجُودِيٌّ ذَاتِيٌّ، «قَدْ تَعَلَّقَا» أَيْ عِلْمُ اللَّهِ وَكَلَامُهُ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ تَعَلَّقَ «بِكُلِّ شَيْءٍ» مِنَ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْجَائِزَاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحِيلَاتِ، فَيَجِبُ شَرْعًا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ غَيْرُ مُتَنَاهٍ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِهِ، إِمَّا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ - وَهُوَ وَاضِحٌ -، وَإِمَّا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِيرُ بِحَيْثُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْلُومِ فَإِنَّهُ يُحِيطُ بِمَا هُوَ غَيْرُ مُتَنَاهٍ كَالْأَعْدَادِ وَالْأَشْكَالِ، وَنَعِيمِ الْجَنَّةِ، فَهُوَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْمُتَصَوَّرَاتِ سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً كَذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، أَوْ مُسْتَحِيلَةً كَشَرِيكٍ لَهُ تَعَالَى، أَوْ مُمْكِنَةً كَالْعَالَمِ بِأَسْرِهِ، الْجُزَيْئَاتُ مِنْ ذَلِكَ وَالْكُلِّيَّاتُ، عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ وَاحِدٌ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ، وَلَا تَكَثُّرَ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ مَعْلُومَاتُهُ
1 / 157