لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
ناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
۱۴۰۲ ه.ق
محل انتشار
دمشق
ژانرها
عقاید و مذاهب
[التَّعْرِيفُ الخامس تَعْرِيفُ الْمُتَوَاتِرِ وَالْآحَادِ وَمُتَعَلِّقَاتُ ذَلِكَ]
(الْخَامِسُ: تَعْرِيفُ الْمُتَوَاتِرِ وَالْآحَادِ وَمُتَعَلِّقَاتُ ذَلِكَ)
التَّوَاتُرُ لُغَةً: تَتَابُعَ شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا بِمُهْلَةٍ، وَاصْطِلَاحًا: خَبَرُ عَدَدٍ يَمْتَنِعُ مَعَهُ لِكَثْرَتِهِ تَوَاطُؤٌ عَلَى كَذِبٍ عَنْ مَحْسُوسٍ أَوْ عَنْ عَدَدٍ، كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى مَحْسُوسٍ مِنْ مُشَاهَدَةٍ أَوْ سَمَاعٍ. فَقَوْلُهُ خَبَرٌ جِنْسٌ يَشْمَلُ الْمُتَوَاتِرَ وَغَيْرَهُ، وَبِإِضَافَتِهِ إِلَى عَدَدٍ يَخْرُجُ خَبَرُ الْوَاحِدِ، وَبِقَوْلِهِ يَمْتَنِعُ مَعَهُ. . . إِلَخْ، يَخْرُجُ بِهِ خَبَرُ عَدَدٍ لَمْ يَتَّصِفْ بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْمَحْسُوسِ مَا كَانَ عَنْ مَعْلُومٍ بِدَلِيلٍ عَقْلِيٍّ، كَإِخْبَارِ أَهْلِ السُّنَّةِ دَهْرِيًّا بِحُدُوثِ الْعَالَمِ لِتَجْوِيزِ غَلَطِهِمْ فِي الِاعْتِقَادِ. وَهَذَا الْخَبَرُ الْمُتَوَاتِرُ مُفِيدٌ لِلْعِلْمِ بِنَفْسِهِ، فَقَيَّدَ بِنَفْسِهِ لِإِخْرَاجِ الْخَبَرِ الَّذِي صَدَّقَ الْمُخْبِرِينَ بِهِ، بِسَبَبِ الْقَرَائِنِ الْمُحْتَفَّةِ بِهِ.
وَالْحَاصِلُ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ ضَرُورِيٌّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَالْأَكْثَرُ إِذْ لَوْ كَانَ نَظَرِيًّا لَافْتَقَرَ إِلَى تَوَسُّطِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ، وَلَمَا حَصَلَ لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَلَسَاغَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ عَقْلًا كَسَائِرِ النَّظَرِيَّاتِ، فَالْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ مَا اضْطَرَّ الْعَقْلُ إِلَى التَّصْدِيقِ بِهِ. وَهَذَا كَذَلِكَ (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ الْكَلْوَذَانِيُّ وَجَمْعٌ): إِنَّهُ نَظَرِيٌّ، إِذْ لَوْ كَانَ ضَرُورِيًّا لَمَا افْتَقَرَ إِلَى النَّظَرِ فِي الْمُقَدِّمَتَيْنِ، وَهُمَا اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْأَخْبَارِ وَامْتِنَاعُ تَوَاطُئِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ، فَصُورَةُ التَّرْتِيبِ مُمْكِنَةٌ. وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مُطَّرِدٌ فِي كُلِّ ضَرُورِيٍّ، (وَقَالَ الطُّوفِيُّ فِي كُلِّ مُخْتَصَرِهِ): الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ، إِذْ مُرَادُ الْأَوَّلِ بِالضَّرُورِيِّ مَا اضْطُرَّ الْعَقْلُ إِلَى تَصْدِيقِهِ، وَالثَّانِي الْبَدِيهِيُّ الْكَافِي فِي حُصُولِ الْجَزْمِ بِهِ تَصَوُّرُ طَرَفَيْهِ، وَالضَّرُورِيُّ يَنْقَسِمُ إِلَيْهِمَا، فَدَعْوَى كُلِّ فَرِيقٍ غَيْرُ دَعْوَى الْآخَرِ، وَالْجَزْمُ حَاصِلٌ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ خَبَرَ التَّوَاتُرِ لَا يُوَلِّدُ الْعِلْمَ، بَلْ يَقَعُ الْعِلْمُ عِنْدَهُ بِفِعْلِ اللَّهِ - تَعَالَى - عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ، وَخَالَفَ قَوْمٌ، وَهُوَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِمَنْزِلَةِ إِجْرَاءِ الْعَادَةِ بِخَلْقِ الْوَلَدِ مِنَ الْمَنِيِّ، وَاللَّهُ قَادِرٌ عَلَى خَلْقِهِ بِدُونِ ذَلِكَ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالتَّوَلُّدِ.
وَالتَّوَاتُرُ مِنْ حَيْثُ هُوَ قِسْمَانِ: لَفْظِيٌّ، كَحَدِيثِ " «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ". فَقَدْ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ نَيِّفٌ
1 / 15